على مستويات ثلاثة تتركز التحقيقات الخاصة بإنفجار المرفأ، مستوى أول يتعلق بمرحلة ما قبل الإنفجار وتحديداً بالسنوات السبع التي تمتد بين عامي 2013 و2020 حين تم تخزين أطنان نيترات الأمونيوم الشديدة الإنفجار في العنبر رقم 12 داخل ​مرفأ بيروت​، وهنا تشير المعلومات الى أن التحقيقات بدأت مع 23 موقوفاً أبرزهم رئيس اللجنة الموقتة لإدارة المرفأ ​حسن قريطم​ ومدير عام ​الجمارك​ السابق ​شفيق مرعي​ والحالي ​بدري ضاهر​ وموظفين آخرين.

وتكشف المصادر الأمنية أن أكثريتهم تعمل ضمن نطاق التخزين داخل المرفأ. هدف التحقيقات عن هذه المرحلة هو الإجابة عن أكثر من سؤال، أولا كيف دخلت نيترات الأمونيوم الى المرفأ علماً ان القانون ال​لبنان​ي لا يسمح بدخولها، وثانيا لماذا تم حجزها كل هذه الفترة على رغم كل ال​تقارير​ الأمنية التي حذرت من خطورتها؟ السؤال الثالث، هل وراء تخزين هذه المواد صفقة كانت تحضر في الكواليس لإعادة بيعها خصوصاً ان سعرها مرتفع جداً ويفوق المليون ​دولار​؟.

المستوى الثاني من التحقيقات يتعلق بإحتمال وقوع الإنفجار بسبب الإهمال والإستهتار وعدم التصرف بهذه المواد لناحية إعادة تصديرها. اما المستوى الثالث فيلحظ فرضية ​العدوان الإسرائيلي​ ب​صاروخ​ او ب​قنبلة​، ولهذا السبب طلب ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ من الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ صوراً جويّة لمعرفة حقيقة ما حصل، وإذا كانت ​فرنسا​ لا تملكها سيطلبها عون من دول أخرى.

أساس هذه التحقيقات مع المدراء والمسؤولين، هو ​تقرير​ المديرية العامة ل​أمن الدولة​ الذي أجري في بداية العام 2020 بعد سحب عينات من نيترات الأمونيوم وفحصها وتبيّن أنها شديدة الإنفجار الأمر الذي دفع المديرية المذكورة الى مطالبة المعنيين بضرورة التخلص منها لما تشكله من خطورة كبيرة على المرفأ. تقرير أمن الدولة حذّر من خطرين، خطر سرقة كميات من هذه المواد وإستعمالها لتصنيع عبوات ناسفة من قبل إرهابيين، وذلك بعدما كشفت التحقيقات تحطم جدار من جدران العنبر رقم 12، وخلع بابه، وخطر إنفجار هذه المواد وتدميرها المرفأ بعد تعرضها خلال التخزين لدرجات حرارة مرتفعة.

أضف الى تقرير أمن الدولة، تتركز التحقيقات مع الموقوفين على التقرير الذي سبق أن أجرته ​مديرية المخابرات​ في ​الجيش اللبناني​ في تشرين الأول من العام 2015، في حينها كلف الجيش خبيراً عسكرياً عملية الكشف على المواد، وسحب عينات منها، وفحصها في معهد البحوث الصناعية ليتبين أن نسبة مادة الأزوت المتفجرة الموجودة في النيترات تبلغ 34،7% علماً ان النسبة المسموح بها قانوناً لإستيراد نيترات الأمونيوم المستعمل في الأسمدة الزراعية، لا يجب أن تتخطى11%. كما ان ​امن الدولة​ كذلك أوصى الجيش بضرورة التخلص من هذه المواد بسرعة وذلك عبر إعادة تصديرها الى خارج لبنان. تقارير يتكل عليها الجيش في تحقيقاته. ستودي برؤوس كبيرة ولن يقف الأمر عند توقيف مدير عام، والأيام المقبلة كفيلة بإثبات ذلك.