نقلت صحيفة "​الشرق الأوسط​" عن أوساط سياسية ودبلوماسية أوروبية واكبت جهود الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ الحثيثة لعقد المؤتمر الدولي للمانحين بسرعة قياسية من أجل مساعدة ​لبنان​ للنهوض من فاجعة الانفجار الذي هزّ ​مدينة بيروت​، تأكيدها "إن الاندفاع الكبير الذي تميّز به تحرّك ​باريس​ لم ينشأ فحسب عن الصلة التاريخية الوثيقة التي تربط البلدين والخشية من انزلاق لبنان إلى ​العنف​ والفوضى، كما كرّر ماكرون عدة مرّات في الأيام الأخيرة، بل أيضاً لأن ​فرنسا​ رأت في هذه الكارثة غير المسبوقة فرصة لفتح ثغرة في الجدار المترهّل للوضع اللبناني ومدخلاً لتحييد هذا البلد المنهك اقتصادياً واجتماعياً عن الصراعات التي ترتفع حرارتها في المنطقة".

ويرى بعض المراقبين الأوروبيين أن هذه الكارثة، على فداحتها، قد تكون فرصة لإحداث التغيير الذي يطالب به ​المجتمع اللبناني​ منذ فترة، ويصطدم بعقبات كثيرة تحول دون حصوله، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب الإحباط واقتراب لبنان من دوّامة العنف والفوضى.

ويؤكد مسؤول سياسي أوروبي كبير إن "مشاركة الرئيس الأميركي ​دونالد ترمب​ في المؤتمر، بعد أن كان قد تحدّث عن أن التفجير ناجم عن هجوم تعرّض له ​مرفأ بيروت​، ليست وليدة جهود ماكرون بقدر ما أملتها حسابات ​واشنطن​ الإقليمية في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به المنطقة، ما يعني في نهاية المطاف أن تحييد لبنان، حتى في أحلك ظروفه، دونه عقبات كثيرة".

ويضيف المسؤول: «إن الانفجار الذي كاد يبتلع مدينة بيروت يؤرخ لبداية الأشهر الثلاثة الأكثر خطورة في هذا العام المخيف، والتي ربما تنتهي في 4 تشرين الثاني غداة ​الانتخابات الرئاسية​ الأميركية التي أعلن ساكن ​البيت الأبيض​ منذ الآن أنه لا يستبعد عدم القبول بنتائجها" ثم يستطرد مفسّراً: "الأوراق الداخلية للمناورة في يد ترمب أصبحت معدومة بعد إجهاض محاولته تأجيل موعد الانتخابات وتفاقم الوضع الوبائي، مع ضعف احتمالات ظهور لقاح في الأشهر القليلة المقبلة. يضاف إلى ذلك أن كل التوقعات تتحدث عن استمرار الركود في ​الاقتصاد​ الأميركي حتى نهاية ​السنة​ الحالية، فيما يذهب كثير من المحلّلين الماليين إلى القول إن ترمب أصبح (جثّة سياسية) بعد المواقف والتصريحات التي صدرت عن بعض الشخصيات الوازنة في المعسكر الجمهوري. كل ذلك يزيد من احتمالات اتجاه الرئيس الأميركي إلى المسرح الدولي بحثاً عن حدث جديد يغيّر مسار الحملة الانتخابية، والأعين كلها تتجه حالياً إلى منطقة الشرق الأوسط التي يقع لبنان في قلبها".

وينقل المسؤول الكبير في حديثه مع "الشرق الأوسط" عن الرئيس الأسبق للحكومة الإيطالية، وللمفوضية الأوروبية ​رومانو برودي​، قوله: "لن يسمح ترمب للمرشح الديمقراطي خلال الفترة المتبقّية حتى موعد الانتخابات بطرح نفسه عنواناً للزعامة الأميركية في ​العالم​، وبالتالي علينا أن ننتظر مفاجآت جديدة كلما تراجعت شعبية الرئيس الأميركي في الاستطلاعات وأعيته الحيلة داخلياً".

مصدر دبلوماسي أوروبي آخر شدّد على أن هذا "التحرّك السريع والواسع لدعم لبنان ينبع من الأهمية التي توليها فرنسا، ومعها ​أوروبا​، لوحدته واستقراره على الصعيدين الداخلي والإقليمي". وقال إن "دعوة الرئيس الفرنسي القوى السياسية المحلية إلى عدم تفويت هذه الفرصة لتوحيد مواقفها حول جهد وطني لتلبية الاحتياجات الملحّة ومواجهة التحديات البعيدة المدى، هي دعوة يتبنّاها الشركاء الأوروبيون جميعاً".

وتؤكد أوساط ​المفوضية الأوروبية​ أنه "لا توجد أي شروط على المساعدات الإنسانية المقدّمة، والتي ستقدّم في المرحلة المقبلة، إلى لبنان، لأن هذه هي الأولوية المطلقة للجميع بعد هذه الكارثة".