يُبنى مفهوم الحكم منذ بدء البشرية على منطلقين، الأول هو ​السلطة​ التي يمكن التعريف عنها بأنها قدرة شخص معين أو منظمة على فرض أنماط سلوكية لدى شخص ما، والثاني هو مبدأ التعاون أي يتفق الجميع ويتفاهم على كيفية إدارة الحكم وتنفيذ القوانين انطلاقاً من وعي جميع أفراد هذا المجتمع.

في ​لبنان​، وفي أيامنا هذه التي يعاني منها الوطن من أزمات متعددة بدءاً من ​الأزمة​ الإقتصادية ووصولاً إلى أزمة كورونا، لا يمكن العثور لا على المنطلق الأول ولا على الثاني. ففي لبنان، وزير داخلية اسمه ​محمد فهمي​، بدل أن يكون هو السلطة التي تصدر عنه القرارات المُلزمة للمواطن، قرّر أن يكون شبحاً يصدر القرارات على الورق دون متابعتها على الأرض.

في لبنان، وزير داخلية، عندما راحت أغلب الدول إلى فتح بلدانها بهدف تنشيط الحركة الإقتصادية مع اتخاذ اجراءات وقائية بالقوة على مواطنيها، راح هذا الوزير يبحث عن أسهل الطرق وهي إغلاق البلد لمنع انتشار الفيروس.

عندما فك الإقفال و​الحجر المنزلي​ في لبنان، وتم وضع مراحل إعادة ​الحياة​ إلى طبيعتها، ظن وزير الداخلية أن مهمته انتهت. فعاد المواطنون إلى حياتهم الطبيعية غير آبهين لا بقرارات الابتعاد الاجتماعي ولا بقرارات وجوب ارتداء ​الكمامة​، فلماذا يهتمون بهذا القرار ولا رقيب او حسيب عليهم؟ فالوزير الوصي على ​القوى الأمنية​ غير موجود فعلياً، بل هو يتلهى بالطلعات التلفزيونية متفاخراً بقتل شخصين في أوج شبابه، وهو يترك شعبه يُقتل بسبب فيروس دون أي حزم، بل فقط بعبارة "أقفلوا البلد".

في شهر أيار، وعند عودة الحياة بشكل شبه تدريجي، كان الشرط لذلك التزام المواطنين بعض المعايير. إلا أن غياب الوعي عند البعض أدى إلى تفلّت الموضوع. كيف يكون الحل حينها؟ الجواب واضح، الحل بوجود وزير داخلية يضرب بيد من حديد عبر اجبار ​القوى الامنية​ وشرطة ​البلدية​ على التعامل بحزم مع هذه المخالفات. إلا أن وزيرنا، وبعرض بطولي أخاف المواطنين، قرر تسجيل مخالفات بحق من لا يضع كمامة واقية أثناء تنقلاته. لكن شيئاً لم يحدث، عادت السهرات والحفلات وكل مظاهر التقارب الإجتماعي بدل تباعدها.

قد يعزو البعض سبب هذا التراخي إلى عدم وجود عديد لقوى الأمن. هذا خاطئ، فالعديد موجود كما أن شرطة البلدية يمكنها القيام بهذا الدور وهذا ما رأيناه في عدد من البلدات. فلماذا التراخي؟!.

حضرة وزير الداخلية و​البلديات​، أنت المسؤول عن عمل القوى الأمنية، أنت المسؤول عن البلديات وعمل شرطتها البلدية، أنت المسؤول عمّا يحصل اليوم. لا طاقة للبنان بتحمّل الإغلاق، لا طاقة للبنانيين على تحمّل المزيد من الضغوط، الحلّ واضح، إضرب بحزم أو سلّم هذه المهمة لأحد قادر على أن يكون بشخصية أقوى من تلك التي تمتلكها.

يموت المواطن يومياً في لبنان مع أزماته المتعددة، و​الكورونا​ خطر كبير يهدّد المجتمع كله، لكن الحلول لا تكون بخنق هذا الوطن المخنوق أساساً، الحلّ بوزير داخليّة يفرض على المجتمع التقيّد بارتداء الكمامة والتباعد الإجتماعي. إلى وزير الداخلية، مواجهة الأزمة لا يكون بالهروب منها عبر إقفال البلد.