لا أحد يدري إن كانت سرعة الأحداث في ​لبنان​ قد تسبّبت بفقدان السيطرة على "​الكورونا​"، أو ضعف ​الدولة​ في تطبيق قرارات فرض إجراءات ​الوقاية​، هو السبب، او حتى "قلة المسؤولية" الشعبية، هي السبب، إنما بالنتيجة فقدت السلطات اللبنانية الصحية سيطرتها على إنتشار الفايروس، فلجأت الدولة الى فرض الإقفال مجددا، وتحميل ​الإقتصاد اللبناني​ مسؤولية التقصير الذي أدى الى هذه النقطة.

لم يستمع المعنيون بملف "الكورونا" الى النصائح لتقليل المخاطر، خصوصا عندما كان بالإمكان تدارك انتشار الفايروس عبر "الوافدين" الى لبنان من الخارج، والذين تمتّعوا بحرية التنقل دون حسيب أو رقيب، فـ"النشرة" طلبت في آذار الماضي حجر الوافدين إلزاميا، وتطبيق المادة 604 من قانون العقوبات التي تعاقب كل شخص يتساهل بنقل الفايروس الى الآخرين، ولم يستجب أحد حتى منذ أيام قليلة عندما تحدث ​وزير الصحة​ عن هذه المادة وضرورة تطبيقها، ولم تُطبّق.

لم تبدأ بعد المرحلة الثانية من انتشار فايروس الكورونا، والتي يتوقع أن تنطلق في نهاية أيلول المقبل، والسبب هو دخولنا في فصل الخريف، موسم الانفلونزا العادية التي ستختلط مع الكورونا لتشكل ذعرا في المجتمع وضغطا كبيرا على ​القطاع الصحي​، ولكن رغم ذلك، وصل هذا القطاع الى مرحلة صعبة، بغياب ​المستشفيات الخاصة​ عن المشهد لقلة الإمكانات المرصودة لهم لمواجهة الوباء، ومع دخول للمستشفيات الميدانية الأجنبية التي يمكن تحويلها الى مراكز "مخصصة" للكورونا، وسبب الوصول الى هذا الوضع الصعب لم يكن طبعا "فتح" البلد، بل كان قلة مسؤولية المعنيين بتنفيذ ما يحمي الناس.

بل انتشار الفايروس، لا يكون الحل بإقفال البلد من جديد، خصوصا أنه في المرة الاخيرة التي سبقت ​انفجار بيروت​ لم يؤت ثماره، لأسباب عديدة أبرزها، أن اللبنانيين لم يعودوا قادرين على تحمّل الإقفال، والذي قد يؤدي الى إقفال نهائي لمؤسساتهم ومحالهم، وبالتالي لم يلتزم الكثير منهم، خصوصا اولئك الموجودين في مناطق "لا يتواجد فيها القانون" بشكل كبير، وتحديدا في الأطراف، بينما من هم في المدن الكبرى التزموا وخسروا، ولم يستفد الوضع الصحي.

بالمقابل، هناك مؤسسات ومشاريع عمل تعتمد على الموسم ​الصيفي​، وبحال ضُرب فستكون خسائرهم مضاعفة، والنتيجة صفر، فمن قال أن الإقفال سيؤدي الى نتائج إيجابية وهو قد فشل بتحقيق أي نتائج سابقة؟.

دائما هناك من يدفع الثمن عن الجميع، ولو أن ​الفائدة​ ستطال اللبنانيين فسنكون من أبرز الداعين للإقفال، ولكن على مدار أشهر، لم نر فائدة من هذه القرارات، الا عندما كان الخوف مسيطرا على اللبنانيين والدولة قد أفرزت أجهزتها للتطبيق، ولكن عندما يصبح المستثنين من قرار الإقفال أكثر من المعنيين به، يصبح في الأمر ضررا يفوق بكثير أي إيجابية منتظرة.

مجددا، نقول لكم، طبقوا قرارات فرض إجراءات الوقاية، الزموا الوافدين من الخارج بالحجر، أوقفوا قرارات الإستثناء التي تُعطى لنافذين لإقامة تجمّعات، جهزوا المستشفيات، وأوقفوا قتل الإقتصاد.