منذ استقالة حكومة حسّان دياب على وقع تداعيات انفجار المرفأ، وما بدا "انقلاباً" عليها من عرّابيها وداعميها بالدرجة الأولى، لا يزال اسم رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ الأكثر "رواجاً" بين المرشحين المحتمَلين ل​رئاسة الحكومة​، وربما الأوفر حظّاً أيضاً.

وفي حين يلوذ الحريري بـ"الصمت"، الذي لم "يخرقه" سوى بكلامٍ "عام ومدروس" بعد إصدار ​المحكمة الدولية​ حكمها في جريمة اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق ​رفيق الحريري​، يتوالى الحديث عن "عوائق"، يصطدم بها في مسار العودة إلى السراي، بعضها داخلي مرتبط بموقف "​التيار الوطني الحر​"، وبعضها خارجيّ متّصل بالموقف السعودي خصوصاً منه.

لكن، أبعد من كلّ هذه "العوائق"، ثمّة من يتحدّث عن "عائقٍ" يتفوّق على كلّ ما عداه، يتمثّل في مواقف "حلفاء" الحريري الذين بات بعضهم يجاهر برفضه إعادة تسميته، ما قد يكرّر "السيناريو" الذي أدّى إلى "اعتكافه" قبيل تسمية حسّان دياب، وبالتالي "يطيح" بفرصه عن بكرة أبيها!.

"الخصوم" في صفّه!

تماماً كما حصل بعيد "انتفاضة" السابع عشر من تشرين الأول الماضي، يبدو "خصوم" الحريري في "صفّه" أكثر من أيّ أحدٍ آخر، في تكرارٍ لـ"السيناريو" نفسه، بحذافيره ربما، ولو أدّى في النهاية إلى "إقصاء" الرجل، بناءً على "رغبته"، كما قيل.

هكذا، لم تكد ساعات تمرّ على استقالة حسّان دياب، حتى كانت التسريبات تتوالى عن تمسّك ثنائيّ "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" بالحريري مرشّحاً شبه وحيد للمنصب، أو من يسمّيه هو في حال "عاكسته" الظروف مرّة جديدة، أو أراد "الانكفاء" جانباً.

وما بقي يدور في الكواليس أصبح في الساعات الماضية علنيّاً مع الحراك "المكثَّف" الذي أطلقه رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ "دعماً" للحريري، وهو الذي أبلغ كلّ المعنيّين أنّه ازداد "اقتناعاً" بموقفه هذا بعد تصريح الحريري "المسؤول" من لاهاي.

وإذا كان صحيحاً أنّ "التيار الوطني الحر" هو من الرافضين لعودة الحريري، أو بالحدّ الأدنى ليس "متحمّساً" لها، لأسبابٍ كثيرة منها وقوع "الطلاق" بين الجانبين، بعد "فضّ" الشراكة الناتجة عن "التسوية الرئاسية" بينهما، فإنّ اللافت أنّ أوساط الأخير أبدت منذ اليوم الأول "ليونة" بحديثها عن "تسهيل وتعاون".

ويتقاطع ذلك مع المُعطيات المتداوَلة والتي تشير إلى مساعٍ يبذلها بري، بمباركةٍ من "حزب الله"، للتسويق للحريري في بعبدا ومحيطها، انطلاقاً من "فشل" تجربة الحكومة "الأحاديّة" التي قوبلت بـ"حصار" داخلي وخارجي، ما قد يفضي إلى "اتفاقٍ ضمنيّ" على السير برئيس الحكومة السابق، بـ"عدم ممانعة" من جنب "التيار" بالحدّ الأدنى، ولو من دون تسمية مباشرة له.

ماذا عن "الحلفاء"؟!

صحيحٌ أنّ إثارة رفض "التيار الوطني الحر" لتسمية الحريري رئيساً للحكومة، طغت على المشهد، وفق قاعدة عدم حماسته لـ "تجربة المجرَّب"، خصوصاً أنّ الحكومة المقبلة يفترض أن تتصدّى للإصلاح، ما قد لا "ينسجم" مع تاريخ "الحريرية السياسية" التي يحمّلها "العونيّون" مسؤولية الأزمات المتعاقبة، لكنّ الأصحّ من ذلك أنّ "حصر" مشكلة الحريري بهذا الجانب لا يعطي سوى صورة "منقوصة" عن الواقع الفعليّ.

وقد لا يكون مُبالَغاً به أن يحيل "العونيّون" كلّ من يسألهم عن الموقف من إعادة تسمية الحريري، إلى "حلفاء" الأخير وموقفهم من هذه التسمية، مذكّرين بما حصل قبل أشهر حين كان رئيس الحكومة السابق "يتأهّب" للاستشارات التي ستمهّد لعودته إلى السراي، قبل أن يطلب بنفسه من رئيس الجمهورية تأجيلها، بعد تلقّيه "صفعة" من حزب "القوات اللبنانية" يوم قرّر عدم تسميته لرئاسة الحكومة.

ولا يبدو موقف "القوات" اليوم مختلفاً عن السابق، علماً أنّ "الهوة" بين الجانبين ازدادت، كما يقول كثيرون، خصوصاً أنّ رئيس حزب "القوات" سمير جعجع يحمّل الحريري شخصياً مسؤولية "الانقلاب" على مشروع "الاستقالة الجماعية" من مجلس النواب، الذي كان "يراهن" عليه لتوسيع قاعدته الشعبيّة، وكتلته النيابيّة على حدّ سواء. ولعلّ هذا الأمر كان أكثر من واضح بكلام جعجع قبل أيام، حين دعا صراحةً إلى حكومة "حيادية وجديدة ومستقلة بالكامل"، وهو ما كرّره حتى حين سُئل عن إمكان تسمية الحريري لرئاستها، ما أوحى بوجود "فيتو" على اسم الحريري، ولو أنّ "الحكيم" حرص على القول إنّ المسألة لا تتعلق بـ "الأسماء"، علماً أنّ الحريري يدرك أنّ عدم تسمية "القوات" و"التيار" له سيوقعه في مشكلة "ميثاقيّة" يتجنّبها، ولو "ضمن" الحصول على عدد الأصوات الكافية والمطلوبة.

وعلى خطى "القوات"، يسير "الحزب التقدمي الاشتراكي"، ولو أنّ "الرهان" على تعديل موقفه ليس بعيد المنال، خصوصاً عندما يتدخّل رئيس مجلس النواب، مع ما يملكه من "مَوْنة" على النائب السابق ​وليد جنبلاط​، علماً أنّ أوساط الأخير التي تنفي وجود "قرار نهائي" بهذا الخصوص، تشير إلى أنّ المطلوب حكومة تحظى بالدعم الداخلي والخارجي المطلوب لتحقيق الإصلاحات الموعودة، وهو ما لا يبدو "متوافراً" على اسم الحريري حتى إشعارٍ آخر.

"أشواك" على الطريق؟!

بين "الحلفاء" و"الخصوم"، ثمّة من يرى أنّ المشكلة في مكانٍ آخر بالمُطلَق، خصوصاً بعدما نجحت التطورات الأخيرة، من انفجار المرفأ وما خلّفه من تداعيات، في "تدويل" الأزمة اللبنانية بالمُطلَق، لدرجة أنّ بعض قادة العالم باتوا يتدخّلون في "تفاصيل التفاصيل" المتعلّقة بالطبخة الحكوميّة المنتظَرة.

ويقول البعض في هذا الإطار إنّه في حال نجح الحريري في الحصول على "مباركة" الخارج لتسميته، فإنّ كلّ "المعوّقات" الداخلية ستزول في ثانيةٍ واحدةٍ، علماً أنّ "مشكلته" الحقيقيّة برأي هؤلاء تكمن في الموقف السعودي الذي لا يزال "ملتبساً" إزاءه، في ضوء ما يُحكى عن "شروطٍ" مفروضة عليه.

ولعلّ "تسويق" الخارج بالتحديد لمرشحين آخرين لا يبدو "تفصيلاً" على "الهامش" في هذا الإطار، خصوصاً إذا ما صحّت التسريبات عن "استمزاج" رأي الحريري نفسه ببعض الأسماء، ما يوحي بأنّ طريق عودة الحريري إلى السراي لا تزال مزروعة بـ"الأشواك" التي قد لا يكون يسيراً عليه تجاوزها في المدى المنظور...