اشارت مصادر نيابية لبنانية بارزة لصحيفة "​الشرق الأوسط​"، إلى أن "رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​، اتخذ قراره بالانكفاء عن التدخُّل لتذليل العقبات التي تعترض الإسراع في تشكيل حكومة جديدة"، منوهةً بأنه "أوقف تشغيل محرّكاته بعد أن أدرك في ضوء مروحة الاتصالات والمشاورات التي قادها أنه اصطدم بحائط مسدود ولم يتمكّن من فتح كوّة في جدار الأزمة التي لا تزال تراوح مكانها وتؤخر ولادة الحكومة العتيدة، من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة تشجعه على المضي في مهمته".

ولفتت المصادر النيابية إلى أن "بري يمكن أن يعيد النظر في موقفه بوقف تشغيل محرّكاته، في حال أدركت الأطراف المعنية أن التداعيات التي خلّفتها الكارثة التي أحدثها الانفجار المدمّر في ​مرفأ بيروت​ لا تعالج بوجود حكومة تصريف أعمال، بل بحكومة جدية فاعلة، وإنما ليست على شاكلة حكومة ​حسان دياب​"، موضحةً أن "بري سعى جاهداً لتحقيق إنجاز ما يمكن أن يؤسس لمرحلة سياسية جديدة تبدأ بتحديد موعد لإجراء ​الاستشارات النيابية​ المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف ​تشكيل الحكومة​ الجديدة، شرط أن تنطلق من التفاهم على العناوين الرئيسية للمشروع الإنقاذي، وصولاً إلى توظيف الزيارة الثانية المرتقبة للرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ إلى لبنان في أوائل أيلول المقبل، باعتبار أنه يشكّل نقطة ارتكاز للإفادة من عودة الاهتمام الدولي بلبنان الذي اقتصر حالياً على تقديم المساعدات الإنسانية".

كما سألت ما إذا كان ماكرون "باقياً، أم لا، على التزامه بعودته ثانية إلى بيروت في حال أنه لمس بأن زيارته الأولى لم توظَّف لفتح الباب أمام الانتقال إلى مرحلة جديدة، وإنما بقيت الأوضاع على ما كانت عليه قبل زيارته الأولى كأن الزلزال الذي أصاب العاصمة لم يحرك ساكناً لدى القوى السياسية الرئيسية"، مؤكدةً أن "بري الذي تواصل أكثر من مرة مع ماكرون فور عودته إلى باريس، راهن على أن جميع الأطراف أبدت استعدادها لمخاطبة ​المجتمع الدولي​ بلغة واحدة، في الوقت الذي أبدى فيه الأخير حماسة قل نظيرها لمساعدة لبنان مالياً لإعادة إعمار بيروت وتوفير الدعم له لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، شرط أن يلتزم ببرنامج إصلاحي لا عودة عنه، كما حصل في حكومة الرئيس حسان دياب التي خذلها أهل بيتها واضطر لمراعاتهم، ما تسبّب له بأزمة مع المجتمع الدولي".

ونوهت المصادر بأن "بري اضطر للتدخّل في محاولة لتعطيل الألغام من أمام تسهيل ولادة الحكومة على خلفية أن الأطراف المعنية بتشكيلها أقحمت نفسها في اشتباكات سياسية مفتوحة ولم تعد قادرة على التواصل، وباتت في حاجة إلى رئيس المجلس لأنه الأقدر على التشاور مع الجميع بلا استثناء، فيما لا يزال ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ يفتقر للعب مثل هذا الدور لأنه يتعذّر عليه إجراء المشاورات التي باشر بها بإعطائه الأولوية للتأليف على التكليف بذريعة تسهيل مهمة الرئيس المكلّف".

وأوضحت أن "رئيس الجمهورية افتقد بملء إرادته إلى دوره المحاور، وهذا ما ظهر للعيان بدعوته للتشاور في برنامج الحكومة وتركيبتها والاسم المرشح لتولي رئاستها التي اقتصرت على "جحا وأهل بيته"، باستثناء المهمة التي تولاها رئيس المجلس قبل أن يقرّر الانكفاء ولو مؤقتاً في حال أن الأطراف قررت أن تسلّم أمرها له شرط أن تقرّ سلفاً بتقديم التسهيلات المتبادلة. وعليه، فإن بري يمضي إجازة سياسية قسرية مودعاً "كرة النار" في حضن الرئيس عون أولاً، تليه الأطراف السياسية الرئيسية".

بموازاة ذلك، تصر أوساط رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ على أنه "لم يطرح نفسه لتولّي الرئاسة الثالثة، وأنه لم يفاجأ بموقف رئيس "​التيار الوطني الحر​" الرافض له، وأن المفاجأة جاءته من رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" ​وليد جنبلاط​ و"​القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​، وسيكون له الرد المناسب، خصوصاً أنه لم يفاتح أي طرف برغبته في الترشُّح ل​رئاسة الحكومة​".

إلى ذلك، تترقّب الأوساط السياسية الموقف الذي سيصدر عن رؤساء الحكومات السابقين في اجتماعهم اليوم الاثنين، وفيه كما علمت "الشرق الأوسط"، "بوادر حملة سياسية شعواء تستهدف عون على خلفية أنه يصر على مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة المكلّف في إطلاق المشاورات الخاصة بالتأليف، وهذا ما يشكل اعتداءً صارخاً على ​الدستور اللبناني​ برفضه أيضاً تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة بعد أن تعذّر عليه، كما يدّعي، إجراء مشاورات ظلت محصورة بفريقه السياسي".