في الشكل وقع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ​محمد فهمي​ مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الإنتخابات الفرعية في 6 دوائر هي زغرتا و​كسروان​ والمتن و​بيروت​ والشوف و​عاليه​، وذلك بعد إستقالة ثمانية نواب وبعدما أصبحت هذه الإستقالة نافذة بمجرد أن تلاها مجلس النواب في جلسته الأخيرة. أما في المضمون، فأسئلة كثيرة تطرح، هل من الممكن إجراء إنتخابات فرعية في هذه الظروف السياسية والمالية والصحية التي يعيشها ​لبنان​ لا سيما بعد الإنفجار الزلزال الذي دمر المرفأ وبيروت في الرابع آب الجاري؟ هل ​الحكومة​ المستقيلة قادرة على إجراء إنتخابات نيابية وهي باتت حكومة تصريف أعمال بعد إستقالتها؟ هل الوضع النقدي للخزينة اللبنانية يسمح بدفع الكلفة الباهظة لهذه الإنتخابات و​اللبنانيون​ يسمعون ويقرأون بوتيرة يومية أخباراً عن أن مصرف لبنان يتجه الى الغاء الدعم عن ​المحروقات​ والأدوية وغيرها من المواد المعيشية الأساسية؟.

والأبرز والأهم، هل من ناخب واحد على كامل الأراضي اللبنانية يجرؤ على التوجه الى قلم الإقتراع للإدلاء بصوته في زمن لا يزال يسجل فيه ​فيروس كورونا​ يسجل يومياً أكثر من 600 إصابة جديدة؟ ومن هو هذا المرشح الذي يستأهل كل هذه التضحية من قبل الناخبين؟.

إنسانياً وأخلاقياً لا يمكن أن تجرى ​الإنتخابات النيابية​ الفرعية في موعدها القانوني أي قبل 13 تشرين الأول المقبل موعد إنتهاء المهلة المحددة بشهرين ولبنان لم يلملم جراحه بعد من جراء إنفجار مرفأ بيروت، ولا يمر عليه يوم واحد من دون دفن ضحية من ​ضحايا​ التفجير.

قانوناً يمكن للحكومة أن تجري الإنتخابات النيابية ومن دون أن تضطر الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، وذلك لأن المرسوم هو مرسوم عادي، وهنا يقول خبير قانوني، "بالنسبة الى النفقات التي ستدفع على إجراء الإنتخابات يتم اللجوء عادة الى الأموال الموجودة في إحتياطي الموازنة وإذا كانت هذه المبالغ غير كافية لتغطية النفقات، عندها يضطر مجلس الوزراء الى الإنعقاد لبت الموضوع". المعلومات تشير الى أن وزير الداخلية لم يحدد بمشروع مرسومه تاريخاً لإجراء الإنتخابات الفرعية، وذلك لأن لديه قناعة بوجود عقبات كثيرة تحول دون إجراء الإنتخابات، الفرعية، لكنه في نهاية المطاف أصر على القيام بواجبه بتوقيعه وإحالته على رئاسة الحكومة كي يتم توقيعه من قبل رئيس الحكومة المستقيلة ​حسان دياب​ ومن بعده من قبل ​رئيس الجمهورية​ العماد ميشال عون ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني.

قد يوقع الجميع مشروع المرسوم، وقد تتأمن الأموال وإذا لم تتأمن قد ينعقد مجلس الوزراء ويقر المبالغ التي تحتاجها العملية الإنتخابية وما من مادة دستورية او قانونية تمنع الحكومة من الإنعقاد لتصريف أعمال كهذه حتى ولو كانت مستقيلة، ولكن كيف سيتم تخطي عقبة تفشي كورونا، وهي التي سقطت أمامها دول عظمى؟ الجواب بكلمة واحدة، مستحيل، تخطي هذا التفشي راهناً أي قبل تشرين الأول المقبل، ونحن على أبواب الخريف الذي ينتشر فيه الإنفلونزا، ما يعني عملياً أن وزير الداخلية قام بواجبه من باب رفع العتب، لكن الإنتخابات الفرعية لن تحصل ضمن المهلة، ولكن هذا لا يعني أنها لن تحصل لاحقاً، فالشغور يطال ثمانية مقاعد، وسيكون هناك إصرار على تعبئة هذا الشغور ولو بعد أشهر أو سنة.