رأى البطريرك الماروني ماربشاره بطرس الراعي في حديث لاذاعة "صوت لبنان 100.5" ان مشكلتنا اليوم تكمن في توجهنا الى دولة دينية تتأثر بأحداث المنطقة بعدما بات الولاء لدول خارجية او لأشخاص واحزاب وطوائف ،في وقت كان يجب الحرص على بقاء لبنان الدولة الفاصلة بين الدين والدولة والمحافظة على ميزة لبنان التعددية والدولة المدنية التي انشأها البطريرك الياس الحويك.

ولفت الراعي الى ان "البطريرك الياس الحويك حملنا حقيقة واحدة هي لبنان وحماية لبنان وقد اراده دولة مختلفة كليا عن كل دول المنطقة واراده دولة تفصل بين الدين والدولة ويتجلى ذلك بقوله لبنان طائفة واحدة اسمها لبنان وكل الطوائف الأخرى تشكل نسيجه الاجتماعي .هذه اول صيغة للبنان اما الصيغة الثانية التي حملنا اياها هي ان يكون الولاء بالمواطنة للبنان وليس ولاء للطائفة او للدين ومشكلتنا اليوم اننا نبتعد عن الخطين وبدل فصل الدين عن الدولة وكأننا نتجه الى دولة دينية تتأثر بالمنطقة واتعجب عندما ينادون بالدولة المدنية ولا أفهم معناها طالما عمرها مئة عام وانشأها البطريرك الحويك وتقتضي منا الولاء للبنان في وقت بات الولاء اليوم لدول خارجية واشخاص واحزاب".

وردا على سؤال حول اذا ما كان هناك من ارتباط بين مذكرة البطريرك الياس الحويك الى مؤتمر الصلح والمذكرة التي اطلقها الراعي في 17 آب "الحياد الناشط"، اوضح الراعي أن "مذكرة الحياد الناشط مكملة لمذكرة البطريرك الياس الحويك وقد ركزنا فيها على الحياد بحيث لا يكون للبنان اي ولاء لأي دولة غير لبنان ولا يستطيع الدخول بأي احلاف سياسية وعسكرية او اي حروب اقليمية ودولية كونه بلدا تعدديا ومركزا للحوار لا للحروب، بدليل انه عندما انحرف عن غايته عزل عن الشرق والغرب ولذلك نشعر اليوم ان لبنان متروك لمصيره ولولا كارثة المرفأ لما كان احد ساعدنا ،في كل الأحوال الالتفاتة هي للشعب اللبناني وليس للدولة او للمسؤولين فيها".

وحول اذا ما اطلق المذكرة لمناسبة مئوية لبنان الكبير او نتيجة الأزمات الراهنة ، اكد انه "مع حلول المئوية دخلنا في عزلة بعدما اقحمنا رغما عنا في حروب ونزاعات وخلافات مخالفة للسياسية والتركيبة اللبنانية فمنذ العام 1943 في الميثاق الوطني وفي كل بيانات الحكومات المتعاقبة منذ العام 1943 وصولا الى العام 1980، يرددون ان ​سياسة​ لبنان الخارجية هي الحياد وعدم الانحياز ولكن وقع اتفاق القاهرة واعطى للفلسطينيين الحق بامتلاك الأسلحة الثقيلة والحق بمحاربة اسرائيل من لبنان ثم كان الاجتياح الاسرائيلي ثم الاجتياح السوري وبعدها ولدت الميليشبات وما زلنا نعيش في هذه الدوامة وعاد لبنان الى الصفر".

وراى ان "الوضع في لبنان لم يعد يطاق على الاطلاق والمسؤولون السياسيون صموا آذانهم لصرخة ​الثورة​ في 17 تشرين الأول وكأنه لم يحصل اي شيء في البلد بل استمروا في مراعاة مصالحهم الخاصة ومكاسبهم وفرغوا الخزينة من ​المال​ ما اوصلنا الى مرحلة لم يعد لدينا اي ثقة انهم يستطيعون النهوض بالبلد .فأنا شخصيا مثل الشعب فقدت الثقة الكلية بالمسؤولين ولذلك رفعت الصوت وكذلك الدول الخارجية دعت لبنان الى التنبه والاسراع في تأليف حكومة وانا اليوم اصبحت متأثرا بالثورة الحقيقية التي تحاول كل الوسائل لتنال اصغاء القيمين على الدولة ولكن تواجه بعدم الاكتراث ومن الضروري ان تسهر على عدم دس اي عناصر تخريبية في صفوفها".

واضاف :"لا يوجد الا الحياد كحل للبنان والحياد ليس مشروع البطريرك انما هو من صميم الكيان السياسي اللبناني ومن صميم الطبيعة اللبنانية فالحرب والنزاعات فرضت على اللبنانيين وهم احفاد الفينيقيين الذين لم يصنعوا الحروب على مر التاريخ انما الثقافة والحضارة ونحن اليوم نعاني من مرض الانحياز بعدما كان البلد بطبيعته حياديا".

وعن الرسالة التي يوجهها لمناسبة مئوية اعلان دولة لبنان الكبير، اعتبر الراعي انه "لو سألتني هذا السؤال قبل عظتي في الخامس من تموز كنت اجبت نريد ان نحضر لجنازة لبنان ولكن اليوم استطيع ان نقول نحضر ولادة جديدة للبنان".