لم يأتِ الإعلان عن تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة من قبل ​رئاسة الجمهورية​ من فراغ، كما أنّها لم تأتِ نتيجة الإتّصال الذي حصل بين ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ ورئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، نظراً إلى أنه في الكواليس، كان هناك لقاء عقد يوم أمس جمع رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ والمعاون السياسي للأمين العام لـ"​حزب الله​" الحاج ​حسين خليل​ ومستشار بري النائب ​علي حسن خليل​، مهّد الطريق نحو إطلاق التسوية المرحليّة التي كانت تطبخ منذ إستقالة حكومة حسّان دياب.

في التفاصيل التي حصلت عليها "​النشرة​" من مصادر مطّلعة على أجواء المشاورات الحكومية، سيتولى علي حسن خليل، في ​الساعات​ المقبلة، التواصل مع رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ لمعرفة اسم رئيس الحكومة المكلّف الّذي ستسمّيه كتلة "المستقبل" في الإستشارات النيابيّة الملزمة، نظراً إلى أن الحريري وافق على تسمية شخصيّة بعد إنسحابه من هذا السباق، وتشير المصادر إلى أنه لو لم يوافق على التسمية كان الخيار الوحيد المُتاح هو الذهاب إلى حكومة من لون واحد.

إنطلاقاً من ذلك، تكشف هذه المصادر أنّ الحريري لا يزال حتى ​الساعة​ يتكتّم على الاسم الذي سيطرحه، محتفّظاً ببعض الأمور التي تأتي في إطار الشكليّات، لكنها في المقابل تلفت إلى أنّ شركاء رئيس الحكومة السابق في التسوية، أي "حزب الله" و"​حركة أمل​" و"التيار الوطني الحر"، سيعرفون الاسم قبل الاثنين في نهاية المطاف، وتضيف: "مهمّة علي حسن خليل ليست فقط الإتفاق أو معرفة الإسم فقط، بل أيضاً الإتّفاق على البرنامج، الّذي من المفترض أن يُبحث مع رئيس الحكومة المكلف أيضاً".

حتى الساعة، تجزم المصادر نفسها بأن ليس هناك من اسم واضح لدى جميع الأفرقاء، بالرغم من إرتفاع أسهم رئيس الحكومة السابق ​تمام سلام​ في الساعات الماضية، لكنها تشير إلى أن سلام لا يزال يتحدّث، عبر أوساطه، عن عدم رغبته بتولّي المهمة، إلا أنّها تلفت إلى أن الاسم لن يكون إستفزازياً ل​قوى 8 آذار​ و"التيار الوطني الحر"، خصوصاً أنّ الحريري يدرك جيداً أن مثل هذا الأمر لا يمكن أن يمرّ، وتضيف: "بشكل واضح، بعض الأسماء التي طرحت في الأيام الماضية، كالسفير السابق ​نواف سلام​ لم تعد موجودة".

في هذا الإطار، تعرب المصادر المطّلعة على أجواء المشاورات الحكوميّة عن إطمئنانها لمسار هذه التسوية، حيث تشير إلى أن الحريري لا يمكن أن يذهب إلى طرح اسم إستفزازي لـ"حزب الله" و"حركة أمل"، لادراكه، أكثر من غيره، أنّهما من تمسّكا به، للمرة الثانية حتى النهاية للعودة إلى ​رئاسة الحكومة​، في حين أن مواقف باقي الأفرقاء من خصومه أو حلفائه معروفة، إلا أنّ الظروف المحلّية والخارجيّة حالت دون ​تحقيق​ ذلك.

في الصورة الأوسع، لا تنكر هذه المصادر الدور الفرنسي الدافع للإنتهاء من الإستشارات النيابيّة الملزمة قبل عودة الرئيس ​إيمانويل ماكرون​ إلى ​لبنان​ يوم الثلاثاء المقبل، حيث تكشف عن إصرار من قبل ​باريس​ على وجود رئيس حكومة مكلّف جديد قبل وصول الرئيس الفرنسي، وتضيف: "لولا هذا الإصرار كان الملف الحكومي سيُرحّل إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة المقرّرة في تشرين الثاني المقبل".

وعلى الرغم من أنّ الإتّفاق، من حيث المبدأ لا يشمل إلا صيغة تسمية رئيس الحكومة المكلف، تلفت المصادر نفسها إلى أنها من المفترض أن تضم غالبية الأفرقاء، لا سيما الأربعة المشاركة في التسوية ​الجديدة​، وبالتالي هي ستكون حكومة سياسية، أو على الأقل تضم 6 وزراء سياسيين على أن يكون الباقي من الوزراء التكنوقراط غير الموظّفين، نظراً إلى أنّ العودة إلى صيغة حكومة ​تصريف الأعمال​ الحاليّة غير واردة.

في المحصّلة، هي تسوية مرحليّة، عنوانها الإتفاق على ما بات يعرف بـ"حكومة المهمّات"، إلا أنّ الكثير من الأسئلة لا تزال تُطرح حول ما إذا كان مسار التأليف، بعد التكليف، سيكون سهلاً، أم أنّ ​الولادة​ ستكون مستعصية؟.