لفت ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ في عظة ألقاها في قداس إلهي في الديمان الى ضرورة تنظيم الاغاثة نظرًا لحجم الحاجات الكبيرة، وضخامة عدد المشرّدين من دون سقفٍ ومأوى اثر انفجار بيروت، وإنشاء هيئة إغاثة دوليَّة خاصَّة بلبنان تتكوَّن من مجموعة دولٍ شقيقةٍ وصديقة مع ميزانيّةٍ بحجم الكارثة، وتتولَّى مسؤوليةَ إعادة إعمار بيروت. فالمسألةُ ليست ترميمَ منزلٍ بل بناءَ مدينةٍ بكلّ ما تُمثِّل من بَشرٍ وحَجرٍ وتُراثٍ ورمزيَّة وتاريخ وصيغةَ تَعايُش. فكم يُؤلمنا أن تستقبل العاصمةُ بيروت المئويَّة الأولى للبنان الكبير وهي ثكلى ويتيمة وجريحة وحزينة ومنكوبة.

وشدد على انه "طالَبْنا ونطالب وتُطالِبون ​الدولة​ بلمِّ السِّلاح المتفلّت، وضبط كلّ سلاحٍ تحت إِمرة ​الجيش​ والقرار السياسيّ. فإعلانُ الحرب والسَّلام يعود إلى قرار مجلس الوزراء بثلثي الأصوات، بموجب المادَّة 65 من الدستور، ولا يحِقُّ ذلك لأحدٍ سواه، من أجل الحفاظ على أرواح المواطنين والسِّلم الاهليّ والأمن الداخليّ. ففي كلّ أسبوعٍ تُطالعُنا مأساةُ قتلٍ رخيص، فيما كلام الله واضح وصريح ومباشر بوصيّته السَّابعة التي لا تَقبل اللُّبس أو التأويل : "لا تقتل" (خر 13:20)".

وفيما أسف "لوقوع قتيلين وجرحى في خلدة بجوار العاصمة بيروت بنتيجة اشتباكات ميليشيويَّة وعشائريَّة ومذهبيَّ، ذكر بأنَّ الله وحده هو سيّد الحياة والموت، وان الانسان، أيًا يكن لونه أو دينه أو عرقه، هو مخلوق على صورة الله، ومدعوٌ لاستكمالها والمحافظة عليها، وهو مفتدى بدم المسيح الفادي الالهي، ويريده الله سعيدًا في حياة الدنيا والآخرة. بين السَّلام العادل والحرب، الأولويَّة والأفضليَّة للسَّلام.

وأوضح ان "السَّلاح الواحدَ، في عُهدة الدولة، هو مكوِّنٌ ثالثٌ متكاملٌ، في نظام الحياد الناشط، مع المكوِّن الأوَّل وهو عدم دخول لبنان قطعيًا في أحلافٍ ومحاورَ وصراعاتٍ سياسيَّةٍ وحروبٍ اقليميًا ودوليًا، وامتناع أيِّ دولةٍ عن التدخّل بشؤونه والهيمنة عليه أو اجتياحه أو استخدام اراضيه لأغراضٍ عسكريَّة؛ ومع المكوِّن الثاني وهو التزام لبنان برسالته في الدّفاع عن حقوق الانسان، وحريّة الشعوب ولاسيَّما العربيَّة منها، وفي القيام بمبادرات المصالحة والتقارب وحلّ النزاعات، وفي توفير الجوّ لحوار الأديان والثقافات والحضارات والعيش المشترك".

وأكد انه "نؤمن أنَّ مِن آلام الشعب اللبناني الجائع، ومِن ضحايا انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الجاري، وما أسفر عنه مِن موتى ومفقودين وجرحى ومنكوبين ومشرّدين من دون مأوى، تُولَد دولةٌ جديدةٌ بنظامها الحيادي الناشط الذي نعمل في سبيل تحقيقه مع اللبنانيين المحبين للبنان وللشعب اللبناني. دولةٌ جديدةٌ بوجوهِ مسؤولين جددٍ يتَّصفون بالاستقلالية والنزاهة والخبرة السياسية، غير ملطَّخة أيديهم بوباء الفساد؛ دولةٌ يسعى في سبيل بنائها الشُّبَّان والشَّابَّات الذين قطعوا عهدًا على نفوسهم بأن يظلُّوا على أرض الوطن ليبنوا دولةً حديثةً منسجمةً مع الدستور والميثاق الوطني والدَّور البنّاء في المنطقة، ومع رأسمالها الحضاريّ والثقافي والعلمي والابداعيّ. نأمل بأن يطلَّ فجرُ هذه الدولة بحكومة طوارئ مصغَّرة مع ما يلزمها من صلاحيَّات لتُنهض الدولة من حضيض بؤسها الاقتصاديّ والماليّ والاجتماعيّ وتُحقِّق الاصلاحات المطلوبة". وأضاف "إنَّ البطريركيَّة المارونيَّة ناضلَت وبلغَت إلى ولادة دولة لبنان الكبير في أوَّل أيلول 1920، وناضلت حتى تحقيق استقلاله الناجز عام 1943، مع ميثاقه الوطنيّ المتجدّد في اتفاق الطائف، واليوم تسعى جاهدةً إلى تأمين استقراره بإقرار نظام الحياد الناشط. ولن تقبل بعد الآن بتسويات ومساومات على حساب جوهر الكيان اللباني. فهي والشعب واحد في رفض كلّ ما هو مشبوه، وكلّ ما لا يحفظ رسالة لبنان ودوره وهويّته في هذه المنطقة من العالم".