شددت مصادر سياسية واسعة الاطلاع عبر صحيفة "​الشرق الأوسط​" على أن "رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ يشكل نقطة ارتكاز في المشاورات الجارية لبلورة اسم المرشح الذي يحظى بغطاء من القيادات السنية ل​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​ باعتبار أنه الأكثر تمثيلاً لطائفته عن سواه من المرشحين لتولي هذا المنصب"، مؤكدة أن "بري سيكون أول من يتبلغ باسمه ليكون في مقدوره أن يبني على الشيء مقتضاه قبل أن تبدأ اليوم ​الاستشارات النيابية​ المُلزمة التي سيجريها ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ لتكليف المرشح الذي يحظى بتأييد الأكثرية النيابية بتشكيلها".

ولفتت المصادر السياسية إلى أن "المشاورات الجارية عشية بدء الاستشارات النيابية المُلزمة اليوم، ليست معزولة عن مروحة ​الاتصالات​ التي يتولاها الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ قبل عودته ثانية مساء اليوم إلى ​بيروت​، في محاولة منه لتأمين شبكة أمان سياسية تدفع باتجاه تهيئة الأجواء المحلية لتأتي ولادة الحكومة العتيدة طبيعية من دون أن تصطدم بعقبات من شأنها أن تعيق ولادتها"، مشيرة إلى أن "ماكرون وإن كان يفضل وجود رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ على رأس الحكومة لاعتبارات داخلية وخارجية أبرزها أنه الأكثر تمثيلاً في طائفته، فإن مبادرته إلى إعلان الحريري عزوفه عن تولي ​رئاسة الحكومة​ لم يخفف من منسوب الاهتمام الفرنسي بضرورة توليه الرئاسة الثالثة، وفي حال أصر على موقفه، لا بد من اختيار مرشح آخر يعود له تسميته بالتوافق مع رؤساء الحكومات السابقين، على أن تتوافر له إذا وقع عليه الخيار شروط النجاح في مهمته".

واعتبرت المصادر نفسها أن "الدور المحوري الذي يلعبه بري يعود إلى قدرته على التواصل مع جميع الأفرقاء بلا استثناء، في الوقت الذي بات يتعذر على ​الرئيس عون​ القيام بدور مماثل ليس لأن الآخرين يطوقونه ويصادرون دوره، بل لأنه انتدب رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ للقيام بهذا الدور بالنيابة عنه، وإلا ما الذي اضطره عندما التقاه رئيس المجلس بأن يحيله على باسيل للبحث في ملف التغيير الحكومي انطلاقاً من ضرورة تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف؟".

ورأت أن "عون اعتاد وخلال وجود الحريري على رأس الحكومة، على الطلب منه أن يعود إلى باسيل للبحث في الأمور العالقة والشائكة، وبذلك تعذر عليه تأمين مشاركة المعارضة في اللقاءات الحوارية التي استضافها في ​بعبدا​، إضافة إلى أنه اصطدم بحائط مسدود عندما قرر إجراء مشاورات تسبق الاستشارات في محاولة منه لإعطاء الأولوية للتأليف بدلاً من التكليف"، مبينة أن "الدور المحوري لبري لا يعود إلى امتناعه وكتلته النيابية عن انتخاب عون رئيساً للجمهورية ولا عن تأرجح علاقته بباسيل، وإنما إلى دوره الوسطي الذي أتاح له التموضع في منتصف الطريق بين الموالاة والمعارضة، خصوصاً بعد أن تحول عون وبملء إرادته إلى فريق لا هم له، حتى إشعار آخر، سوى تعويم باسيل في ضوء تراجعه في الشارع المسيحي لمصلحة خصومه، لا سيما بعد الزلزال المدمر الذي أصاب بيروت من جراء الانفجار الذي حصل في المرفأ".

وسألت المصادر "كيف يمكن لعون القيام بدور المدبر السياسي الذي يدفع باتجاه الإسراع في ولادة الحكومة بعد أن تخلى عن المهمة الموكلة إليه للعب دور الجامع بين ال​لبنان​يين و​الراعي​ للحوار والذي كان لباسيل حصة الأسد في تدمير علاقاته المحلية والخارجية وأقحم لبنان في ​اشتباكات​ لا جدوى منها بدلاً من التزامه بالبيانات الوزارية للحكومات التي شغل فيها مناصب وزارية والتي نصت على ​النأي بالنفس​ وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة والتي دفعت بعدد من ​الدول العربية​ والغربية إلى تصنيفه على خانة انتمائه إلى محور الممانعة بقيادة ​إيران​؟"، مضيفة: "لذلك، فإن دور عون قد يقتصر، حتى إشعار آخر، على توقيع المرسوم الخاص بتسمية الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة بناء للاستشارات المُلزمة، وبالتالي يصعب عليه مقاومة توافق أكثرية النواب على تسمية مرشح معين لأن هذا يضعه في مواجهة مباشرة مع ماكرون الذي يحذر لبنان من التدحرج نحو الحرب الأهلية في حال لم تسارع الأطراف المحلية إلى تدارك الخطر بإعطاء الأولوية لتشكيل حكومة إنقاذية ذات مهمة محددة".

وعلمت "الشرق الأوسط" أن "بري تواصل مساء أول من أمس مع الحريري وبحث معه بضرورة الإسراع بالتنسيق مع رؤساء الحكومات للاتفاق على تسمية مرشح يتمتع بغطاء سياسي لا لبس فيه".

ونقلت مصادر نيابية عن بري قوله للحريري الذي التقى في نفس الليلة المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب ​علي حسن خليل​، إنه "من غير الجائز تأخير تسمية المرشح إلى منتصف ليل الأحد أو فجر اليوم، عازياً السبب إلى أن هناك ضرورة للقيام باتصالات تسبق الاستشارات لبلورة موقف ما يشبه الإجماع بدلاً من حشر ​الكتل النيابية​ والطلب منها بتحديد موقفها في اللحظة الأخيرة قبل أن تنطلق هذه الاستشارات، وحينها أبلغه بترشيح سفير لبنان في ​ألمانيا​ ​مصطفى أديب​".