اشار ​السيد علي فضل الله​ الى ان ​لبنان​ الذي أنهى مئويته الأولى وهي مناسبة تكون عادة لتعداد الإنجازات التي تمت طوال هذا التاريخ وإظهار التميز الذي عبر عنه أبناؤه، ولكن ما يؤسف له أن يأتي الاحتفال بهذه المئوية ولبنان على ما هو عليه من التردي على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي ومن ​الفساد​ على المستوى الإداري والسياسي ومن الانقسام بين طوائفه ومذاهبه والذي تسبب في كل الكوارث التي يعاني منها ​اللبنانيون​ وليس آخرها ما جرى في المرفأ ما جعله مشرعاً على تدخلات الخارج وأرضاً خصبة لطموحاته وصراعاته.

ولفت فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في ​حارة حريك​، الى إننا لا نريد لهذه المحطة الزمنية أن تكون مناسبة احتفالية كما يتعامل مع كل محطات الزمن بل مناسبة لإعادة النظر في كل المسار الذي أوصل البلد إلى حال الانهيار هذه، وهو ما لا يكون بإعادة النظر في النظام السياسي فقط كما يتم الحديث الآن عنه، بل بتغيير عقلية الحاكمين الذين عليهم أن لا يحولوا ​الدولة​ إلى بقرة حلوب لهم.

واعتبر إن هناك مسؤولية على اللبنانيين في أن يبقوا هذا البلد رسالة وأنموذجاً يحتذى في قدرة الأديان على التعاون والتكافل فيما بينها، وأن لا يكونوا سبباً في إفشال هذه التجربة الفريدة بتطييف ​الدين​ وإفراغه من مضمونه القيمي والأخلاقي وتوظيفه في الصراعات الداخلية والخارجية، وفي كل هذه الأجواء القاتمة التي يعيشها اللبنانيون جاء تكليف رئيس للحكومة والطروحات التي صدرت بعد ذلك من الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة للبنان بضرورة الإسراع بتأليف حكومة.. والقيام بإصلاحات وإحداث تغيير في الأداء السياسي والتعامل مع الملفات الكثيرة العالقة والأسلوب الذي قارب فيه الواقع السياسي اللبناني.. كل ذلك يؤشر إلى بداية مرحلة جديدة يأمل اللبنانيون أن تخرجهم من النفق المظلم الذي أدخلتهم فيه المنظومة السياسية القائمة.

اضاف "نحن أمام ما جرى نقدر أي جهد لمساعدة لبنان على تجاوز محنه ومعالجة أزماته، وإن كنا واعين جيداً أن للخارج مصالحه، فهو ليس جميعه خيرية، ولا يقدم شيئاً بالمجان.. وهنا نأسف أشد الأسف أن المعالجات لم تأتِ من خلال القوى السياسية التي كان بإمكانها أن تقوم هي بذلك لو تجاوزت قدراً من أنانياتها، ولكانت تجنبت كل الإذلال الذي تعرضت له من الرئيس الفرنسي والإملاءات التي مارسها عليها، أما الآن وبعدما وضعت الكرة في ملعب القوى السياسية.. فإننا ندعوها إلى الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على القيام بمسؤوليتها سواء لجهة تركيبتها أو لجهة نوعية الوزراء وكفاءاتهم بحيث تراعي الأولويات ومصالح مواطنيها.. فلا يعمل على إفراغها من مضمونها الإصلاحي أو أن تغرق في لعبة ​المحاصصة​ أو التناحر بين مكوناتها".

ولفت الى إننا نرى أن الأجواء الدولية الحالية تشكل عاملاً مساعداً للبنانيين، إن لم يكن للحل الكامل، فعلى الأقل للدخول في مرحلة من مراحل التبريد التي قد تقود إلى الحلول.. وهنا لا بد من العمل لقطع الطريق على كل من يعمل للدخول على خط التخريب ممن يضيرهم استقرار البلد، أو بعض المتضررين من الإصلاح أو العاملين لحساباتهم الفئوية ممن قد يعمل لتعطيل أي إصلاح لا يتناسب مع مصالحه وغاياته، ونبقى في ملف المرفأ لندعو إلى الإسراع في التحقيقات لكشف غموض الملف والذي يخشى في هذا البلد أن لا يقف عند حدود الانفجار وذلك بعد اكتشاف مواد جديدة قابلة للانفجار، كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة جديدة، فاللبنانيون يخشون أن تميع القضية وأن لا تصل التحقيقات إلى نتيجة.