يعكف رئيس الحكومة المكلّف ​مصطفى أديب​ على دراسة السير الذاتية "لكفاءات" ينوي إختيار تشكيلته الحكومية منهم. لأول مرة تمضي عملية التأليف بهدوء، من دون لا تسريبات، ولا ضجّة إعلامية، إلى درجة أنّ سياسيين يحاولون إستطلاع ما يجري في طبخة التأليف، من دون أن يحصلوا على أيّ معلومة دسمة.

ليست بالطبع هي شخصية أديب وحده، ولا المستشارون المجهولون الذين يحيطون به، بل هناك معلومات تتحدث عن "نصائح داخلية ودولية وصلت الى رئيس الحكومة المكلّف مفادها: لا تسمح بتدخل أحد ولا تعطي أي جواب نهائي لأحد من السياسيين، بل ضع أسماء وزراء يحقّقون التوازن الطائفي والمذهبي والمناطقي، من دون إستفزاز أيّ مكوّن في لبنان". لكن كيف يمكن ترجمة تلك المعادلة من دون نيل رضى القوى السياسية الفاعلة كما جرت العادة في لبنان؟.

لا تشير أجواء أديب انه سيكرر تجربة سلفه ​حسان دياب​. هناك فوارق بين الرجلين، عدا عن الأجواء المحيطة بكل منهما. عندما رفع دياب سقفه، عاد وخفّض شروطه الى حدود دنيا. بينما يريد أديب فرض أسماء جديدة تحظى بقبول الشارع اولاً، كما يروّج مقرّبون منه. سيحمل تلك الأسماء ويتوجه بها الى قصر بعبدا خلال بضعة أيام، لتسليمها لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​. فماذا لو رفضها رئيس الجمهورية؟. يقول مطّلعون ان رئيس الحكومة المكلف سيقدّم إعتذاره عن التكليف حينها، "ليضع القوى أمام مسؤولياتها".

فما سرّ تصلّب أديب الذي يُحكى عنه؟.

تقول مصادر مطّلعة: انه ليس سياسياً، ولا هو قلق على مصالحه، ولا يخشى من نتائج أي غضب سياسي منه، ولا هو يستميت بالدفاع عن موقع رسمي ناله من دون ان يخطر في باله يوماً أنه سيصل إليه. يستند إلى وحدة الطائفة السنّية حوله، من دار الفتوى الى رؤساء الحكومات السابقين إلى معظم النواب السنّة. كما انه يستند الى دعم دولي مفتوح، يترجمه الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ بشكل متواصل. لذلك فإن كل المعلومات تقول انه سيراعي التوازنات من دون التنازل عن رؤيته في شكل وجوهر عمل الحكومة "التي يريدها علامة فارقة".

لكن سياسيين يشكّكون بالمقابل بقدرته على إنجاح الحكومة من دون ترتيب أوراقها مع القوى السياسية. هنا تتحدث معلومات عن أن رئيس الحكومة الأسبق ​سعد الحريري​ يقوم بدور أساسي في هندسة التوازنات الحكومية، إضافة الى دور يلعبه ايضاً عن بُعد الرئيس الأسبق للحكومة ​نجيب ميقاتي​.

بجميع الأحوال، فإن الأنظار تتوجه نحو رصد مسار التأليف، في ظل فرضيات قد تصل إلى حد السؤال: ماذا لو ترجم رئيس الحكومة المكلّف سيناريو تقديم أسماء لا تحظى بغطاء سياسي من القوى الوازنة؟ سنكون عندها امام احتمالات: أولاً، رفض رئيس الجمهورية للتشكيلة الحكومية، عندها سيقدّم رئيس الحكومة المكلّف إعتذاره عن التأليف. ثانياً، قبول رئيس الجمهورية تشكيلة أديب، وقد تُعطيها ​الكتل النيابية​ الثقة أو لا تعطيها في المجلس. ثالثاً، قد تتدخل وساطات سياسية لتدوير الزوايا كي لا يفوّت البلد فرصة الدعم الدولي.

لكن هناك من بات يتحدّث في الكواليس عن احتمال ان يكون هناك اتفاق ضمني بين الحريري وميقاتي لفرض حكومة تناسب سياساتهما، وتحقّق ما لا يكون في مصلحة خصومهما، وتحديداً رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​، تحت طائلة سحب أديب يده، فتعود عندها الأمور الى نقطة الصفر. وفي الحالتين لا يوجد اي خسارة عند رئيسي حكومتين سابقين لهما مصلحة بالاّ ينجح أي شخص يدخل الى نادي المرشحين الدائمين لرئاسة الحكومة.