تسعة أيام مرّت على مهلة الـ15 يوما التي أعطاها الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ الى المسؤولين اللبنانيين ل​تشكيل الحكومة​، لذلك تكثّفت الإتصالات السياسية مع بداية الأسبوع الحالي، اذ يحاول رئيس الحكومة المكلف ​مصطفى أديب​ تحقيق الإنجاز الحكومي، معتمدا على عوامل عدة، أو أوراق قوّة في وجه كل القوى السياسية.

لم يكن مطروحا إسم أديب في السابق لأي منصب سياسي في لبنان، بل كان عميد السفراء العرب مرتاحا في ألمانيا حيث يمارس مهامه كسفير للبنان هناك، ولكن فجأة خرج اسمه الى العلن، وتسلّم زمام تشكيل الحكومة الأهمّ بتاريخ لبنان الحديث، الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة في الداخل اللبناني والخارج أيضا، حيث يشكّل الملفّ اللبناني اليوم أولويّة فرنسية القصوى.

خلال الأيام القليلة الماضية لمس مَن تواصل مع رئيس الحكومة المكلّف إصراره على المضيّ بالتشكيلة الحكوميّة التي يراها مناسبة، فهو تابع مع ​الكتل النيابية​ واستمع منها لآرائها، ومضى باتجاه دراسة الخيارات لديه، منطلقا من برنامج عمل وضعه لنفسه ويلتزم به، بحسب مصادر متابعة، مشيرة الى أن البرنامج يقوم على البدء من الإتفاق على المبادئ، وصولا الى النقطة الأخيرة وهي الأسماء، على أنه كان واضحا بأن الإسم يجب أن يكون حاضرا فور حصول الطرف المعني على الحقيبة، أيّ أنه لن يقبل بتوزيع الحقائب، ومن ثم يعمل كل فريق على تركيب الإسم الذي يرغب به.

تؤكد المصادر أن أديب يحمل بيان اعتذاره عن تشكيل الحكومة في جيبه منذ اليوم الأول، فهو لا يرغب بتكرار تجربة حسّان دياب وجعله كبش فداء تعنّت القوى السّياسية، وبالتالي يسير بخطى ثابتة وقويّة، أساسها قوّة الدفع الفرنسيّة التي حصل عليها، فمن طرح اسمه هو المدير العام لجهاز المخابرات الخارجيّة الفرنسية برنار إيمييه، والذي عمل سفيرا في لبنان بالسابق، وهو صديق مقرّب جدا لوالد زوجته، كما حظي أديب على دعم أوروبي، و"قبّة باط" أميركية، وعدم معارضة خليجيّة، وبالتالي هو يعلم بأنّ كل من يمكن أن يعرقل عمله خارجيا، يقف الى جانبه.

وفي هذا السياق تكشف المصادر أن إيمييه يُعتبر لاعبا أساسيا في ملف تشكيل الحكومة، وهو نقل رسالة فرنسيّة بداية الأسبوع الحالي الى أحد السياسيين اللبنانيين يحذّره فيها من استمرار ممارساته التعطيليّة لتكشيل الحكومة، مؤكّدا مرّة جديدة أنّ لائحة العقوبات الفرنسيّة ليست مزحة، وأنّ المعطّلين سيجدون أسماءهم عليها.

أيضا من أوراق القوّة التي يعتمد عليها أديب، الغطاء السنّي الكامل، السياسي المتمثل بقرار رؤساء الحكومات السابقين ورئيس ​تيار المستقبل​ سعد الحريري، والديني، ممثلا ب​دار الفتوى​، وهو أمر لم يحصل عليه ​حسان دياب​، وعانى من غيابه طيلة فترة حكمه، ومن هنا تشير المصادر الى أنّه يعلم أهميّة هذا الدعم ويعمل على أساسه.

وتضيف المصادر: "يعتمد أديب على ضعف موقف القوى السّياسية حيث رضخ معظهما للتسوية بسبب فشلها في إدارة المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، الأمر الذي يجعلها متمسكة بالمبادرة الفرنسيّة التي تشكّل الفرصة الأخيرة لها، ولذلك يشعر أديب بالإطمئنان لعدم العرقلة، لأنّ المعرقل قد يصل الى الإنتحار السياسي"، مشيرة الى أنّه يعرف أيضا أن لا بديل عنه في هذه المرحلة، ولا بديل عن المبادرة الفرنسية، لذلك يتمتّع حجم قوته بالحاجة إليه.

كل هذه الاوراق يستثمرها رئيس الحكومة المكلف بشكل كامل، وتجعله قادرا على تمرير المشروع الذي يطمح إليه، فهل ينتصر أم تبقى ذهنية العرقلة والمحاصصات أقوى من كل أمر آخر؟.