عاد التركيز من جديد في الآونة الاخيرة على ​حزب الله​، وبالتحديد في اطار الضغوط عليه وعلى سلاحه، وهذا ما تجلى بموقفين لافتين في الايام الماضية. الاول داخلي وكشف عنه النائب اغوب بقرادونيان الذي قال "ان العهد بات محاصَرا خارجيًّا وداخليًّا، والموضوع ليس الرئيس عون، بل سلاح "حزب الله"، وهذا الكلام اتى في سياق الكشف عن الضغوط الخارجية التي تمارس على الحزب لجهة موضوع سلاحه والخطر الذي يسببه على ​اسرائيل​، وعلى التسوية الدولية التي منحت الضوء الاخضر للتطبيع معها من قبل ​الدول العربية​.

أما الموقف الثاني فخارجي، وتولاه مسؤول الماني حين استذكر ان الحزب " خزّن مئات الكيلوغرامات من مادة "نيترات الأمونيوم" في ألمانيا لصنع القنابل وتنفيذ هجمات إرهابية حول ​العالم​"، مضيفاً ان الحزب ادخل هذه المادة الى المانيا عام 2016. لا يتوقف الامر عند هذين الموقفين، بل يتعداهما الى الكثير من المواقف في الفترة القصيرة التي مضت، تصبّ كلها في خانة الحزب وسلاحه، إما لجهة التحذير مما يخطط له لضربه، وإما للتنبيه من مخاطره ووجوب التصرف لمنع تعزيز الترسانة. وللصدفة، فإن هذه المسألة، تأتي في خضم التحرك الفاعل لتشكيل حكومة في لبنان، كان الحزب اعلن علناً عزمه على تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف ​مصطفى اديب​. ووفق ما يتم تداوله في الصالونات السياسية المحصورة، فإن الموضوع يأخذ منحى آخر، يتعلق بالضغط على الحزب انما من باب التسهيل الفعلي لاديب و​تشكيل الحكومة​ من جهة، ولعملها في المرحلة اللاحقة من جهة ثانية. ووفق الاحاديث ايضاً، فإن التطمينات التي اعطاها الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ للحزب حول عدم اعتبار سلاحه اولوية حالياً، لن تكون نافعة الا عند انطلاق الحكومة الجديدة في مسار الخروج من الازمة اللبنانية التي يعيشها لبنان بشكل عام، ما يعني ان الدرع الفرنسي الذي قدّمه ماكرون للحزب، سيكتسب اهميّته وفاعليته من التجاوب مع الطلبات لتذليل العقبات امام الحكومة والتي قد يضعها الحزب او حلفائه.

واذا صحت هذه الاحاديث، فإن ما نشهده من ضغط متزايد في الايام الماضية، انما يهدف الى تحفيز الحزب على التجاوب مع المطالب الفرنسية، وليس بهدف تنفيذ هذه التهديدات او اخذ موقف حاسم بالتخلي عن لبنان وتركه لمصيره، لان في هذا الامر ضربة قاضية لكل ما قام به ماكرون وما عمل على بنائه بعد الانفجار في ​مرفأ بيروت​. من هنا، يصبح من المنطقي ترقّب بعض التفاؤل في موضوع التأليف السريع، على الرغم من كلّ الخطوط الرماديّة التي تظهر بين الحين والآخر لناحية الشروط التي تضعها التيارات والاحزاب، مع توقع عدم التمسّك بها بشدة، بل اعتبارها مجرّد ورقة لرفع نسبة حظوظ نيل ما يمكن من حصص يتم التنازع عليها، كالعادة. ولن تنتهي الامور عند هذا الحد، لان رهان ماكرون مستمر الى ابعد من ذلك، ويتعلق بتحقيق الحكومة لخطوات ايجابية ملموسة تزيد من شعبيتها الداخلية، على ان تحظى بالدعم الدولي اللازم والذي سيتولاه الرئيس الفرنسي بطبيعة الحال في مرحلة لاحقة، وقد اعطى تلميحات عما يمكن ان ينفذه في هذا المجال، ان من خلال اعادة احياء مقررات مؤتمر "سيدر"، او عبر اقامة مؤتمرات اخرى كفيلة بتأمين التمويل اللازم لاعادة اعمار بيروت واعادة ​الوضع الاقتصادي​ والمالي الى السكة الصحيحة.

انها جرعة تفاؤل مطلوبة وملحّة، ويبدو انّ الضغط حالياً هو على عاتق حزب الله لانجاحها، مع الاشارة الى ان هناك عوائق عديدة من خارج الحزب وحلفائه، سيكون حلّها على عاتق الاتصالات الدبلوماسيّة الاقليميّة والدوليّة التي يتولاها ماكرون بنفسه، وكان آخرها اتصاله برئيس مجلس الوزراء البريطاني ​بوريس جونسون​ للعمل على تذليلها، وهي التي ترتبط بملفّات اخرى في ​الشرق الاوسط​. ايام فقط تفصلنا عن الواقع المنتظر فإما التفاؤل او العودة الى التشاؤم.