لفت المدير العام ل​قوى الأمن الداخلي​ اللواء ​عماد عثمان​، إلى أنّه "لطالما تغنّى ال​لبنان​يّ أينما حلَّ بِحُبِّه لوطنه لبنان، وانتمائه الأوّل والأخير له، وهو يَعتبره من أقدسِ المُقَدّساتِ لديه، ففيه مسقط رأسه وأرض آبائه ومرتع أجداده"، مبيّنًا أنّ "حتّى في أحلك الظروف وفي خضمّ المآسي وخلال الحروب المتتالية الّتي عاشها اللبنانيّون، بقي اللبناني متمسّكًا بتلك الوطنيّة المقدّسة وإيمانه بالأرض والفكر والعادات والتقاليد، لا بل ربط كلّ ذلك بتفاؤله وطموحاته الّتي تخطّت حدود الوطن".

وأشار في كلمة له حول المئوية الأولى للبنان الكبير، في العدد الجديد لمجلة "الأمن" تحت عنوان "لبنان في قلب العالم"، إلى أنّ "اللبناني لم يكفر يومًا بوطنه، لا بل كان مثالًا يحتذى به في حبّه للوطن. أمّا اليوم، وبعد كلّ ما شهده اللبنانيّون من أعاصير وأهوال سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وَضعته على حافة الهاوية، بدأ اللبناني يشهر يأسه واستياءه ممّا نشهده، حتّى وصلت الأمور بالبعض منهم إلى أن يُطالبوا بانتدابٍ أجنبي يرعى شؤونهم الحياتيّة، والبعض الآخر لم يتردّد بالمجاهرة بأنّه لا حياة كريمة بعد اليوم أو مستقبلًا واعدًا إلاّ خارج هذا الوطن الجريح المتخبّط".

وركّز اللواء عثمان، على أنّه "يعزّ علينا اليوم أن تأتي الذكرى المئوية الأولى لقيام دولة لبنان الكبير ونحن على هذا الحال المتزعزع، في حين كان من المفترَض الإحتفال بهذه المئويّة والتخطيط لمئويّة جديدة تكون على قدر طموحات اللبنانيّين وآمالهم". ورأى أنّ "على كلّ حال، لم يفتنا القطار بعد، وقد برهنّا نحن اللبنانيّين على مَرِّ الزمن أنّنا فعلًا كطائر الفينيق الّذي ما يبرح أن يكون رمادًا حتّى ينهض من جديد مُعافىً مُستعدًا لإنطلاقة جديدة".

وشدّد على أنّ "من هذا المُنطلَق الإيماني المترسّخ في قلوب معظم اللبنانيّين المقيمين والمغتربين، علينا جميعًا تجديد الأمل والعمل على بناء وطن ذي دعائم قويّة ثابتة ترتكز على مبادئ يجتمع عليها كلّ اللبنانيّين، لنعيد لبنان إلى مكانته الحقيقيّة في ​المجتمع الدولي​". ولفت إلى أنّ "لبنان الّذي رَسم صورته الإيجابيّة كلّ لبناني مغترب ناجح في دول الإنتشار، من علماء وأطبّاء ومهندسين وغيرهم من أصحاب الخبرات والجدارة في مختلف المجالات العلميّة والأدبيّة، لبنان الّذي صدّر الأدمغة إلى تلك الدول، لن يصعب على أبنائه بناء دولة حضاريّة حديثة تسير على نُظُمٍ عالميّة علميّة ناجحة في نواحيها كافّة، كال​سياسة​ و​الإقتصاد​ والعدل والأمن وحقوق ​الإنسان​ والحريّات المصونة بالقوانين والمساواة بين جميع أبناء الوطن في الحقوق والواجبات".

وأكّد أنّ "على اللبنانيّين جميعًا أن يُدركوا وقبل فوات الأوان أنّه لا ملاذ لهم ولأبنائهم ولأحفادهم ولمستقبل كلّ منهم، خارج منظومة الدولة الفاعلة ومؤسّساتها ومكوّناتها، وأنّه علينا أيضًا تفعيل العمل المؤسّساتي الشفّاف الّذي يتمثّل بانتماء كلّ موظّف للوطن أوّلًا ولمؤسّسته أخيرًا". وذكر أنّ "في المئة سنة المنصرمة، تعلّم أجدادنا وآباؤنا وتعلّمنا نحن من بعدِهم دروسًا قاسية وموجعة، فإذا لم نستفد ممّا تعلّمناه، لا نستحقّ هذا الوطن الّذي يتمسّك به الغرب والشرق ونحن لا نعرف قيمته الحقيقيّة".

كما أوضح عثمان أنّ "علينا أن ندرك أنّ الدولة المرجوّة لا يمكن بناؤها إلّا بإرادة قويّة تعتمد على نيات نقيّة من جميع مكوّنات هذا الوطن، فالوضع الّذي وصلنا إليه يحتّم علينا التكاتف والإتحاد ونكران الذات في سبيل انتشال وطننا من محنته". وأشار إلى أنّ "تكليف رئيس جديد لتشكيل حكومة جديدة تكون على مستوى المرحلة، قادرة على معالجة الأزمات الّتي حلّت بنا، من شأنه أن يعطينا بارقة أمل بإعادة بناء الدولة الّتي حلم ويحلم بها كلّ لبناني شريف، وأن يكون ذلك حافزًا لكلّ منّا في موقعه أن ينهض من جديد ليقدّم كلّ ما لديه من جهود وخبرات وكفاءات وتضحيات، لنعيد بناء ما تدمّر لا سيما ما خلّفه الإنفجار المشؤوم في ​بيروت​ ومحو آثاره من نفوس اللبنانيّين أجمعين".

ونوّه إلى أنّ "مِن السهل جدًّا قول "لا" دون أية تبعات ومسؤوليّات، لكن الأصعب أن نقول "نعم". قولٌ نريد منه أن يكون ضمن أطرٍ وأهدافٍ ومحاسبةٍ. ولنعمل معًا بانتظام تحت سقف المؤسّسات لوقف الإنهيار المالي والإقتصادي وبمساعدة الدول الصديقة والشقيقة لنعيد لبنان دُرَّة الشرقين، ولنحوّله من "لبنان الكبير إلى لبنان الأكبر".