فتحت العقوبات على الوزيرين السابقين ​علي حسن خليل​ و​يوسف فنيانوس​ مساراً جديداً على مستوى المواجهة بين ​واشنطن​ و"​حزب الله​"، بعد أن قررت ​الولايات المتحدة​ توسيعها لتشمل أبرز حلفاء الحزب، أي رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ ورئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​.

الخطوة الأميركيّة رسالة إلى حلفاء الحزب، مفادها أن المطلوب الإبتعاد عنه، نظراً إلى أن بعض الدوائر والأوساط المقربة منها كانت قد تحدثت عن إمكانية شمولها رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ أو شخصيات سياسية تدور في فلكه، إلا أن توقيتها يدفع إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن توقيت الإعلان عن العقوبات، في الوقت نفسه الذي تجري فيه مشاورات تأليف ​الحكومة​ بغطاء فرنسي، ليس أمراً مستبعداً، نظراً إلى أن الإختلاف في وجهات النظر بين ​باريس​ وواشنطن في التعامل مع الملف ال​لبنان​ي واضح، لا سيما بالنسبة إلى النظرة إلى "حزب الله".

وتلفت هذه المصادر إلى أن الجانب الفرنسي يعتبر أن الأولوية في الوقت الراهن هي لوقف الإنهيار الحاصل على المستويين الإقتصادي والمالي، الأمر الذي يتطلب التعاون مع "حزب الله" الذي يمثّل قوّة سيّاسية رئيسيّة في لبنان، في حين أن الجانب الأميركي يعتبر أنّ الأولويّة بالنسبة إليه هي إضعاف الحزب على المستويين السياسي والعسكري، وبالتالي العقوبات هي ​السلاح​ الأساسي المستخدم على هذا الصعيد.

على الرغم من ذلك، تشدّد المصادر نفسها على أنّ باريس لا تعمل بعيداً عن توجّهات ​الإدارة الأميركية​، بل على العكس من ذلك التأكيدات على التنسيق والتعاون بينهما لا تتوقف، وهي جاءت على لسان كبار المسؤولين في البلدين في أكثر من مناسبة، وترى أن الإدارة الفرنسيّة قد تستفيد من ضغط العقوبات للإسراع في إنجاز المسار الذي تقوده على مستوى ​تأليف الحكومة​ العتيدة.

بالنسبة إلى المصادر السّياسية المطلعة، واشنطن وباريس تمارسان المعادلة المشهورة، أي "العصا والجزرة"، حيث تتولى الولايات المتحدة الضغط عبر فرض العقوبات، بينما تقوم باريس بالإجتماع مع القوى السياسية اللبنانية، من ضمنها "حزب الله"، لدفعها نحو تقديم التنازلات، على قاعدة أنّ هذا المسار يمثل الفرصة الأخيرة أمامها، وبالتالي لا يمكن لها أن تقف بوجهه.

حتى ​الساعة​، ترفض هذه المصادر الجزم حول إمكانيّة تأثير تلك العقوبات على عمليّة تأليف الحكومة بشكل جدّي، سواء لناحية عرقلتها أو تسريعها، لكنها تشير إلى أنها كانت تحمل رسالة سياسية قاسية إلى حلفاء الحزب، أولاً إلى رئيس المجلس النيابي الذي تريد منه واشنطن تقديم تنازلات في ملفّ ​ترسيم الحدود​ البحريّة، وثانياً إلى حلفاء الحزب في البيئات الطائفية الأخرى، لا سيما المسيحيين منهم.

وفي حين تطرح المصادر نفسها علامات إستفهام حول ما إذا كان إستهداف شخصية مقرّبة من فرنجيّة هو بشكل أساسي رسالة لباسيل، تشدّد على أن ما حصل لا علاقة له بما يقال عن ​محاربة الفساد​ أو دفع القوى السياسية إلى الإصلاح، نظراً إلى أنّ الدول الكبرى لا تفكّر بهذه الطريقة، لا بل ان واشنطن نفسها كانت من الجهات الداعمة لمختلف القوى المحلّية، طوال السنوات الماضية، رغم معرفتها بفسادها و​تفاصيل​ حياتها.

في المحصّلة، ربط ​العقوبات الأميركية​ بملفات الفساد لا يمكن الركون إليه، لأن ذلك يعني فرضها على مجموعة واسعة من حلفائها في لبنان، لكن هذا لا يلغي في المقابل أن فساد معظم القوى السياسية هو الذي يدفع القوى الخارجية إلى إبتزازها، بدليل أن تقديم التنازلات لتسمية رئيس الحكومة المكلّف ​مصطفى أديب​ جاء بعد تهديدات فرنسية بفرض عقوبات أوروبية عليها.