أوضح رئيس الحكومة الأسبق ​فؤاد السنيورة​، في حديث لصحيفة "الجريدة" الكويتية أن "الفكرة من ترشيح ​مصطفى أديب​ ل​رئاسة الحكومة​ المقبلة هو أن ينجح ​لبنان​ في تخطي الجرثومة الخبيثة التي عصفت ببلدنا والأحزاب اللبنانية، والتي أدت الى استتباع ​الدولة اللبنانية​ من الأحزاب عبر الإقطاعيات"، مشيرا الى أن "الخروج من ذلك قد يكون من خلال اقتراح اسم ليس محسوباً على أحد، وليس تابعاً حزبياً، ولا أخفي أن ذلك رهان بالنسبة إلينا، فالرجل لا خبرة حكومية لديه".

وعن من سمى أديب لرئاسة الحكومة، كشف السنيورة أن "الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، طلب من رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ تسمية مرشح ل​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​، فأجابه على الفور بأنه يسمّي أديب، فردَّ ماكرون أنه يفضل ان يأتي هذا الاسم ضمن 3 أسماء، فأجابه الحريري: ليكن مع أديب، رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ ورئيس مجلس ادارة شركة طيران "الشرق الأوسط" ​محمد الحوت​"، مؤكدا أن "لا علاقة لتسمية أديب، لا بميقاتي ولا بشقيقه طه ولا بماكرون، فقط الحريري له علاقة بتسمية أديب".

واعتبر أن "تسمية أديب تضحية كبيرة، مقابلها هو مكسب للبلد بالعودة إلى الطائف و​الدستور​، وعلينا أن نرى الأمور بخواتيمها، وما يجري قبل التشكيل هو أن "كل شخص يكبّر مهر ابنته"، لافتا الى "أنني لست صاحب دكانة ولا أتصرف بناء على ذلك، بل أتصرف كرجل مسؤول، البلد يضحي بأن يأتي بشخص يتمتع بمواصفات عديدة، لا خبرة سياسية له، وما يمكن تحقيقه هو بالعودة لاحترام الدستور، ولا أتحدث أن رؤساء الحكومات ضحوا، بل لبنان ضحى فكان بإمكان سعد الحريري و​تمام سلام​ وأنا ونجيب ميقاتي أن نكون رؤساء، لكن ما قمنا به هو لإنقاذ البلد، وهناك من هو غير مدرك أنه بعد شهرين لن يكون بإمكاننا ان نستورد ​القمح​ ولا ​الأدوية​".

ورأى السنيورة أنه "لا يخفى أن الفرنسي لديه مصالح في لبنان والعراق وفي ​إيران​، ويسعى ليكون له موطئ قدم في هذه الدول واستراتيجية لمواجهة ​تركيا​، وأيضاً في حال أعيد تركيب المنطقة أن يكون له رأي، فضلاً عن سعيه للتأثير على ​الاتحاد الأوروبي​ وتحديداً بعد خروج ​إنكلترا​، وأيضاً استعداد المستشارة الألمانية ​انجيلا ميركل​ للمغادرة. إنها مغامرة فرنسية، ولا نستطيع نحن في لبنان أن نغفل هذه النافذة".

وعن رعاية رؤساء الحكومات السابقين لأديب، قال السنيورة: "نحن عبّرنا عن رأينا، وليس في ذلك إلزام لكل الناس، وإذا أراد العهد أن يصلح حاله فهذه فرصة له، وإذا لا يريد فيكون قد ضيّع الفرصة عليه وعلى البلد، ولم نمس الدستور بل عرضنا اقتراحنا وإبداء الرأي كان ضرورياً بعد حفلة رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​حسان دياب​، وبعد حفلات الاستهزاء بالطائف"، مبينا أن "المسؤولية الأساس ملقاة على عاتق الرئيس المكلف و​رئيس الجمهورية​ لديه التوقيع. امتحان الرئيس المكلف في ​مجلس النواب​، وعليه ​تأليف الحكومة​ لتمر هناك، وليس لدى رئيس الجمهورية. رئيس الحكومة يقول ان لديه تصورا، وهذا كلام واقعي".

واعتبر أنه "في هذا الظرف الحكومات المصغرة فعّالة أكثر وتجيد استخدام الوقت بشكل أفضل من الحكومات الفضفاضة، التي تستهلك الوقت في النقاشات والخلافات. هذه حكومة إنقاذ، وكل همنا هو استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة واستعادة ثقة ​العالم العربي​ والدولي بالدولة، وهذا لا يحصل إلا بالممارسة"، وعن وجود إنفتاح عربي على حكومة أديب، أشار الى أن "أديب يتمتع بالصفات الأساسية، واستناداً الى شكل ​الحكومة الجديدة​ ومكوناتها وكيفية اتخاذها القرارات تستطيع اعادة الثقة. لدينا تجربة طويلة من النكول والنكوث بالتعهدات، ولبنان في عزلة بسبب الممارسات السابقة التي فتحت المشاكل مع العالم العربي".

ولفت السنيورة الى أن "الموقف الخليجي يشبه الأميركي، أي الاثنان في موقع المراقبة، وإذا نجحت العملية يتبنيانها، وأعتقد أن ​السعودية​ في حالة انتظار"، وعن مبدأ المداورة في الوزارات، شدد على أن "هذا كله اختراعات وليست له علاقة بالدستور. ​اتفاق الطائف​ واضح، لا حقيبة حكر على ​طائفة​ ولا طائفة ممنوعة من شغل منصب وزاري. أعطي مثلا: في السابق تبوأ درزي ​وزارة الداخلية​. هناك من يخالف الدستور ويعتبر أنه يحقق مكاسب على حساب الآخرين".

وحول العقوبات التي فرضتها ​وزارة الخزانة الأميركية​ على الوزيرين السابقين ​علي حسن خليل​ و​يوسف فنيانوس​، أشار السنيورة الى أن "هذه القرارات ليست جديدة، و​واشنطن​ تقوم بذلك استناداً إلى موقفها من ​حزب الله​ وإيران، ولم أكن أتوقع أن يصار إلى القيام بهذه الإجراءات بحق هذين الشخصين. لست في موقع التعليق على صوابية الموقف الأميركي، بل أتساءل: هل كان من الضروري القيام بهذا الأمر الآن أو الانتظار لأسبوع حتى تأليف الحكومة؟ وما هي الأسباب التي دفعتهم لإعلان ذلك الآن"، متمنيا "ألا تنعكس هذه العقوبات على تأليف الحكومة، والأمور لا تعالج بالتشدد".

من جهة أخر، شدد على أن "فكرة تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور في المنطقة هي أمر ضروري، وهذا في جوهر لبنان ودوره. هناك مطامع لبعض الأشخاص الذين يضحون بمصالح الوطن لأغراض شخصية. علينا استخلاص العبر والدروس، ونحن لسنا قادرين على وضع بلدنا في ممر الأفيال الاقليمية. الجنرال عون تبوأ الرئاسة والثمن على الدولة اللبنانية. الخطوة الأولى تكمن في اعادة الاعتبار إلى الدولة واحترام اتفاق الطائف والدستور ومصالح الدولة واستقلالية ​القضاء​".

وعن تقييمه لمسار ​السلام​ المستجد بين إسرئيل و​الإمارات​، قال: "لا أرغب في التعقيب على هذا الموضوع. موقفنا واضح وهو دعم المبادرة العربية للسلام".