لم يكن اكتشاف ​الكورونا​ عالميًا بالأمر العادي، بل كان وقعه قاسيًا على مختلف الشعوب والمجتمعات، لا سيما تلك الدول غير المجهّزة بخطة طوارئ ك​لبنان​. على مختلف الأصعدة كان الإخفاق، حيث فشلت ​الدولة​ في إيجاد السبل البديلة لأسواق العمل، وعجزت عن النهوض اقتصاديًا، لتكون الكورونا عبئًا إضافيًا فوق كل أزمات البلد المستجدة منها والقديمة. القطاع التعليمي كان أحد وجوه الإخفاق الرسمي، حين افتقدت الدولة في أيامها الأولى للحلول، حيث راحت للتقليد والتمثّل بدول سبقتنا بأزمنة عدّة. هنا كان على الأهالي والطلّاب والكوادر التعليمية، التكيّف مع الواقع للحفاظ على استمراريّة ​الحياة​، وعدم توقّف عجلة أبنائهم التعلّميّة عن الدوران.

وبعيدًا عن امكانية كل ​طلاب لبنان​ المشاركة بعمليّة التعلّم عن بعد من عدمها، وهذا له أسبابه وأساليب معالجته، علينا من دافع تقبلّنا للأمر الواقع السعي لتكّيف الطلّاب مع هذه التجربة ​الجديدة​ من أجل الرفع من انتاجية تعلّمهم عن بُعد بهدف الإستفادة من هذا الأمر لحدوده القصوى كما لو أنّهم يحضرون صفوفهم في المدرسة دون انقطاع، وربّما أكثر. تاليًا هي بعض النصائح العمليّة التي تساعد الأهل و​الطلاب​ في آن على الإستفادة من برامج التعلّم عن بعد وعلى وجه الخصوص تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي الذين يحتاجون لعناية خاصّة أكثر من الأكبر سنًا إضافةً لإبتعادهم لفترة طويلةً نسبيًا عن جو الدراسة:

-على الأهل تهيئة الجوّ المناسب منزليًا للتعلّم من ناحية تنظيم الوقت وعدم استقبال الضيوف وعدم اثارة ضجيج التنظيف المنزلي في أثناء تلقّي أبنائهم للحصص الدراسية.

-مشاركة الأهل في حضور الحصص الدراسيّة بالقرب من أبنائهم لزرع جو من الطمأنينة وازالة القلق النسبي لديهم من تجربة جديدة قد تكون صعبة بعض الشيء وتحديدًا في المواد العلمية.

-في حال افتقاد ​الأطفال​ للحماس والرغبة في حضور الحصّة الدراسيّة، على الأهل استخدام أسلوب الترغيب؛ وتختلف هذه الأساليب بحسب أهواء الطفل، فيقوم الأهل بوعده بالحصول على مكافأة في حال إلتزامه بالحضور والتركيز، وقد تكون المكافأة عبارة عن حلوى أو ساعات إضافيّة من اللعب أو مشاهدة أفلام الكرتون.

-إن جو المدرسة يؤمن روتينًا ونظامًا يوميًا يتضمن الإنضباط في الصف والتركيز الكامل وذلك تبعًا للإدارة الصفية من قبل المعلّم. أما جو المنزل فهو يرمز للتحرّر من القيود وعدم الإنضباط الحركي. ولذلك كلّه يُنصح بكتابة دوام الصفوف وتعليقه على حائط الغرفة يُعدّ توقيع الطفل عليه كنوع من الإتفاقيّة.

- اتخاذ اجراءات تساعد الطفل على الإستعداد نفسيًا للدراسة عبر ايقاظه باكرًا، أي قبل ساعة من موعد الصفّ على الأقل، وغسل وجهه جيدًا وتبديل ثياب ​النوم​ بملابس لائقة للقاء المعلّم وزملائه كما لو أنّه متواجد فعليًا في المدرسة، مع تأمين جلوسه بشكل سليم ومستعدّ على طاولة مجهّزة بكتبه ولوازم القرطاسية.

-الإنتباه لعدم الطلب إلى الطفل حضور الصفوف بأسلوب قاسٍ أو عنيف مما يسبب نفورًا من الحصص الدراسيّة تترسّخ في ذهنه ومخطّطاته الفكريّة على أنّها مشابهة للعقاب بطريقة أو بأخرى، فتتراجع دافعيته على الإستيعاب والتلقّي والتحليل والتطبيق، وهذا لا يعني التراخي والإهمال بتلك الحصص بل التعاطي بأسلوب منطقي وجدّي.

- كنوع من الدعم النفسي والتربوي يُنصح بقيام أحد الوالدين، بعد حصول الطفل على استراحة كافية، بسؤاله عمّا تعلّمه خلال اليوم وذلك كنوع من المراجعة الذهنية المساعدة لترسيخ المعلومات وفهمها أكثر.

-على الأهل تعلّم استخدام التطبيقات المدرسية من حيث توصيله الجهاز بخدمة ​الإنترنت​ وفتح الـonline meeting ومعالجة الصوت والصورة وكيفية إنهاء اللقاء، ومحاولة تعليم الأبناء ذلك تدريجيًا للإعتماد على أنفسهم وتأمين حالة من الإرتياح النفسي لا سيّما في حال مواجهة أعطال تقنيّة.

نقاط بسيطة قد يكون لغيابها عن المنزل في فترات التعلّم عن بُعد أثرًا كبيرًا على مستوى التلاميذ العلمي على المدى ​القصير​ وكذلك الطويل، حيث تشكّل سنون المرحلة الأساسيّة رافدًا تأسيسيًا يبني عليه الطفل قدراته للمراحل المتوسطة والثانوية، أي أنّ إهمال ​تفاصيل​ التعلّم عن بُعد، وفي حال طال عمر الكورونا في بلادنا، يساهم بإصابة مستقبل الأطفال بشكل مباشر.