من المسلم به والمحسوم، لدى رئيس ​الحكومة​ المكلّف ​مصطفى أديب​، أنه يرفض رفضاً قاطعاً، تكرار تجربة الرئيس ​حسان دياب​ الحكومية معه، أي تشكيل حكومة، جل أعضائها، مرتبط بمحرجعيات سياسية، لا يبت أي وزيرٍ بقرار، أو حتى لا يحرك ساكناً، قبل العودة الى مرجعيته، فإن هذا الأداء الحكومي، إنتهى مع إستقالة حكومة ​تصريف الأعمال​، وغير قابلٍ لإعادة سريانه، بعد ولادة ​الحكومة الجديدة​، في حال قدّر لرئيسها، النجاح في مهتمه، وبالتالي إقتناع القوى السياسية بتشكيلته الوزارية المرتقبة، في ضوء تمسكه الشديد، بأن تكون هذه التشكيلة، منسجمةً، وغير تقليدية، ولا تضم في تركيبتها، أياً من الأسماء، الذين تولوا مناصب وزراية من قبل، بحسب تأكيد مصادر سياسية متابعة لمسار ​تأليف الحكومة​ المذكورة.

وتنقل عن أوساط أديب، أنه يدرك تماماً بأنه لن ينجح في المهمات الملحة، التي تنتظر حكومته، إذا توافرت له فرص النجاح، لإعلانها، وفي مقدمة هذه المهمات: النهوض بالأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وإعادة إعمار العاصمة ​بيروت​، إلا في وجود حكومةٍ منسجمة، ومتجانسة، ومرنه في إتخاذ القرارات، على ألا تكون هذه الحكومة، مكبلة، بأي قيد سياسيٍ من الأحزاب، والتيارات السياسية التقليدية في البلد، برأي أديب، كما تنقل الأوساط المذكورة أعلاه عنه.

ورغم التشدد الذي يبديه رئيس الحكومة المكلف في "توجهه الوزاري" المشار إليه آنفاً، غير أنه مستمر في إجراء مشاوراته مع ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، للتفاهم على صيغةٍ حكوميةٍ مقبولةٍ، ولكن على الا تستغرق هذا المشاورات وقتاً طويلاً، ودائماً وفقاً لمعلومات المصادر عينها.

وفي التفاصيل، تكشف أن الرئيس أديب سيتابع لقاءاته مع ​الرئيس عون​ خلال الأيام المقبلة، وسيطرح عليه صيغاً حكومية متعددة، إختارها الرئيس المكلّف بنفسه، بعد مشاوراتٍ أجراها، مع بعض القوى المعنية، بعملية التأليف، على أن يوقع رئيس الجمهورية على أحدى هذه الصيغ، قبل مساء الثلاثاء المقبل، وإلا سيعتذر أديب عن الاستمرار في مهتمه، كما تجزم المصادر.

وتنقل عن أوساط الرئيس المكلف، قوله: "مكتبي في ​المانيا​، لايزال موجوداً، وقد ينتظر عودتي في أي وقت ...". وفي حال اعتذار أديب، يعني ذلك، سقوط المبادرة الفرنسية، بالتالي أخذ البلد نحو مصيرٍ مجهولٍ، خصوصاً في ضوء استمرار ​الأزمة​ الاقتصادية الخانقة، والتلاعب في سعر صرف ​الدولار​ الأميركي، أمام الليرة ال​لبنان​ية، ناهيك عن إمكان تنفيذ تهديدات الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، بمعاقبة معرقلي تأليف الحكومة المرتقبة، ما يزيد في الأمور تعقيداً. وفي هذه الحالة تتماهى العقوبات الفرنسية المفترضة، مع ​العقوبات الأميركية​، التي نجح الأميركيون ، في التأثير لدى الرأي العام، على أن هذه العقوبات، طاولت في جانبٍ منها، بعض الفاسدين في لبنان، لتتوسع دائرة العقوبات المذكورة، لتطاول، كل من يخالف ​السياسة​ الأميركية في لبنان، خصوصاً حلفاء ​المقاومة​.

والأخطر من ذلك، هو لجوء ​واشنطن​ الى تسعير ​الوضع الأمني​ في لبنان، عبر أدواتها في الدخل، في حال فشلت المبادرة الفرنسية، واول المؤشرات المستجدة الى ذلك، هو الحريق ، الذي إندلع في ​مرفأ بيروت​ في الأيام القليلة الفائتة، وسط ورود معلومات صحافية، عن تورط عنصر من ​الجمارك​، وعاملي تلحيم حديد، على صلة بأحد الأحزاب ​المسيحية​ الفاعلة، بافتعال هذا الحريق، تواروا عن الأنظار، بعد افتعاله، ودائماً بحسب المعلومات الصحافية.

ووفقاً للمعلومات الواردة آنفا، وأمام الواقع السياسي الراهن، ينقسم فريق الثامن من آذار في الرأي، بين رافضٍ لتجاوز ​الدستور​ من رئيس الحكومة المكلف، المتماهي بالكامل مع رؤساء الحكومات السابقين، وفي مقدمهم الرئيس ​سعد الحريري​، خصوصاً بعد ورود معلومات، تؤكد أن تأليف الحكومة، يتم في ​بيت الوسط​، وهنا تعتبر مصادر في ​8 آذار​، أنه من غير المقبول، الإمعان في ضرب ​الحياة​ الدستورية في البلد، بعد خرق الدستور، في الاسابيع الفائتة، عند تسمية رئيس الحكومة المكلف، من الفرنسيين، ورؤساء الحكومات السابقين، قبل إجراء الإستشارات النيابية الملزمة. وتجزم المصادر أن الفرنسي لن يحصل بالديبلوماسية، على ما عجز الأميركي، عن الحصول عليه، بشتى أنواع الحروب، خصوصاً في ما يخض الثوابت، كقدسية سلاح ال م ق ا و م ة، ورفض توطين الفلسطنيين، بالتالي لايجوز ترك "الساحة اللبنانية" يتحكم فيها أي من الأطراف الداخليين أوالخارجيين، من دون العودة الى الأكثرية النيابية، اي احترام إرادة ​الشعب اللبناني​، تختم المصادر.

وهناك أيضاً، وجهة نظر ثانية، لدى بعض من هذا الفريق، تؤيد منح رئيس الحكومة المكلف هامشاً واسعاً للحركة، خصوصاً أنه آتٍ من خارج الطبقة السياسية التقليدية، لتنفيذ ورقة عمل محددة، ومحكومة بمدة زمنية محددة أيضاً، (سنة واحدة)، ليتسنى له النجاح في مهماته، بالتالي من حقه، أن يختار فريق عمله، برأي بعض من فريق 8 من آذار، الذي يؤكد ألا قوة في الداخل، تستطيع تجاوز الأكثرية النيابية، وهي قادرة على إسقاط اي حكومة عند المقتضى، كذلك لا يمكن لأي من القوى الدولية والاقليمية تجاوز ال م ق ا وم ة اللبنانية، في أي تسوية للنزاع في المنطقة، بعدما فرضت نفسها كقوة إقليمية، تختم المصادر.