خلال عطلة نهاية الاسبوع، ظن الكثيرون أن المبادرة الفرنسية دخلت مرحلة الخطر، إنطلاقاً من الخلاف الذي وقع على حقيبة المالية، بعد أن أظهر فريق رئيس ​الحكومة​ المكلف ​مصطفى أديب​ رغبة بعدم التفاوض مع "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، حول الاسم الذي من المفترض أن يتسلمها.

في هذا الوقت، كان رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ أول المتصدين لهذه المحاولة، واضعاً ما يحصل في إطار ضرب الأعراف والميثاقية، لكن في المقابل لم يكن بري هو المعترض الوحيد على مسار عملية التأليف، حيث كان رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ قد سبقه إلى ذلك، عبر التصويب على فكرة التأليف من دون التشاور مع ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، بالإضافة إلى "حشره" في المهلة التي كان الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ قد حددها.

على الرغم من ذلك، تشير أوساط سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن كل ما يحصل لم يكن الهدف منه إجهاض المبادرة الفرنسية، التي تحرص جميع القوى المحلية على التعامل معها بإيجابية، بدليل أن كلاّ من بري وباسيل لم يعمدا إلى التصويب على ​باريس​ بأي شكل من الإشكال، وحرصا على التأكيد، بشكل أو بآخر، بأن المشكلة داخلية، بل بالسعي إلى كسب المزيد من النقاط من قبل الشريك الآخر في تسوية تسمية أديب، أي رؤساء الحكومات السابقين: ​نجيب ميقاتي​، ​فؤاد السنيورة​، ​سعد الحريري​، ​تمام سلام​.

وتلفت هذه الأوساط إلى أن هؤلاء، بالتعاون مع الجهات الخارجية التي تدعمهم، ظنوا أن الفرصة سانحة اليوم لإجبار ​الثنائي الشيعي​ على تقديم المزيد من التنازلات، على قاعدة أن رفهضما لذلك يعني أنهما يريدان عرقلة المسار الإنقاذي الذي تقوده باريس، لكنها لا تنكر أن باريس كانت مشاركة في هذه المحاولة بسبب رغبتها في تقديم نفسها أمام الجانب الأميركي على أساس أن باستطاعتها الحصول على تنازلات من قبل "حزب الله".

بالنسبة إلى الأوساط نفسها، هذه المحاولة لفرض شروط تفاوض عالية السقف سقطت بعد الموقف الحاسم من جانب "حزب الله" و"حركة أمل"، الأمر الذي اضطر الجهات التي تقف خلفها إلى التراجع عنها، بعد أن كان الحديث عن توجه رئيس الحكومة المكلّف إلى تقديم تشكيلته لرئيس الجمهورية ميشال عون، وبعد ذلك يكون عون هو المسؤول عن المسار الذي ستسلكه الأمور، سواء لناحية رفض التشكيلة أو توقيعها وإرسالها إلى المجلس النيابي.

في هذا السياق، تلفت الأوساط السياسية المطلعة إلى أن ​فرنسا​ تدرك جيداً أن أي محاولة لفرض حكومة أمر واقع من دون الثنائي الشيعي، الفريق المنتصر على المستوى الإقليمي والذي يملك شعبية واسعة على المستوى المحلي، ستؤدي إلى إجهاض الهدف الأساسي من المبادرة التي تقودها، أي منع إنزلاق البلاد إلى الإنهيار الشامل أو الإنفجار، خصوصاً أن "حزب الله" ليس في موقع الضعيف الذي من الممكن أن تفرض عليه شروط إستسلامية.

وتوضح هذه الأوساط أن ذلك لم يحل دون إفساح المجال أمام المحاولة التي كانت قائمة في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، لكن عندما أثبتت فشلها تولت هي نفسها تأمين ظروف التراجع عنها، لإفساح المجال أمام إستكمال المفاوضات بهدف الوصول إلى التشكيلة التي تحقّق الهدف المطلوب من المسار الفرنسي، على أن يفتح باب ​النقاش​ لاحقاً بعد معرفة هوية الرئيس الأميركي المقبل.

في المحصلة، لدى هذه الأوساط قناعة بأن المبادرة الفرنسية لم تكن بخطر خصوصاً أن لا بديل عنها، لكن في المقابل ذلك لم يحل دون محاولة "التشاطر" من قبل بعض الجهات، الأمر الذي استدعى رداً حازماً وصل في بعض الأماكن إلى أن المداورة في الحقائب الوزارية التي تشمل المالية، ستطلب الدعوة إلى المداورة في كل المراكز في ​الدولة​.