رغم تسارع الأحداث والضغوط الدولية والأجواء الإيجابية التي لاحت في الأفق، يبدو من الظاهر ان تذليل العراقيل أمام تشكيل هذه ​الحكومة​ ليس بالأمر السهل. ان تريث رئيس الحكومة المكلف ​مصطفى أديب​ جاء بشكل أساسي بسبب العراقيل التي تواجهها حكومته، خصوصا أن الطبقة السياسية لا تزال تحاول مواجهة الضغوط الدولية.

فبإمكان ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ عدم التوقيع على هذه التشكيلة، مما يضع رئيس الحكومة المكلف أمام خيارين: إما تقديم تشكيلة ثانية بعد عملية مشاورات أخرى أو تقديم استقالته، يدعو على إثرها رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس آخر للحكومة.

ارتفعت الأصوات المتهمة لرئيس الجمهورية ميشال عون بخرق ​الدستور​ بقيامه بمشاورات مع ​الكتل النيابية​ وهي المهمة التي تقع وفق الدستور على عاتق رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب. وتنص الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور على أن رئيس الحكومة المكلف هو الذي يجري ​الاستشارات النيابية​ ل​تشكيل الحكومة​ على أن يوقع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.

الا ان العقدة الشيعية ما زالت مستحكمة، ولا تؤشر اجواء الثنائي حركة "امل" و"​حزب الله​"، الى ليونة في موقفهما، ولا سيما ما يتعلق ب​وزارة المال​ية، لجهة عدم القبول بالتنازل عنها، او ما يتعلق بما يعتبرانه حقهما في تسمية الوزراء ​الشيعة​ في الحكومة.

ولخّصت اجواء الثنائي الموقف من مسار التأليف بقولها: لا حكومة من دون حق ​الطوائف​ والكتل النيابية في التمثيل واختيار الأسماء. ولا حكومة من دون إسناد وزارة المال للطائفة الشيعية، مشيرة الى ان ما كان مسموحا به من قبل ضمن هامش التسهيل الى أقصى الحدود لم يعد مقبولا الآن، بعدما اتضح انّ العملية اخذت مسارا مختلفا، وبيّنت نوايا القفز فوق المسلّمات وحشر القوى السياسية، فما ان يقبلوا بما يطلب منهم، وإما عليهم تحمل فشل المبادرة الفرنسية امام ال​لبنان​يين و​العالم​.

كل تلك العراقيل مفادها طبخ حكومة على شاكلة ​حكومة حسان دياب​، اي انّ كل طرف سياسي يسمّي من يمثّله في هذه الحكومة ولو تحت غطاء اختصاصيين وليس حزبيين، وبمعنى أوضح يصبح لكل طرف سياسي وزيره او وزراؤه في الحكومة.

فلا نجاح يلوح في الأُفق مع بنية لنظام سياسي قائم على ​المحاصصة​، والذي ادى الى استنزاف الموارد والطاقات في عمليات فساد ونهب وقتل غير مسبوقة ب​تاريخ لبنان​ و​الدولة​، وحروب داخلية وأهلية قائمة على العبث بمشاعر الانتماء المذهبي والقومي.

وقد بات للقاصي والداني علم، أن لبنان على مستوى المزاج السيكوسياسي الرسمي والجيوبولتيك مقسم الى عدة اقسام، متناحرة ومتصارعة على الموارد والنفوذ ولا تمت بأي صلة بمفهوم بناء وطن موحد.