في الوقت الذي كان ينتظر فيه جميع اللبنانيين مبادرة لرئيس الحكومة المكلف ​مصطفى أديب​ خلال زيارة القصر الجمهوري في بعبدا، لحسم مسألة ​تأليف الحكومة​ التي لا تزال تواجهها العديد من العراقيل، قرر رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ أن يوجّه رسالة عبر وسائل الإعلام، حدّد فيها المسؤوليات بشكل مباشر، لناحية التصلّب في المواقف من قبل كل من رؤساء الحكومات السابقين و"​حزب الله​" و"​حركة أمل​".

في كلمته، طرح رئيس الجمهورية حلاً يقوم على إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سمّيت بالسّيادية وعدم تخصيصها لطوائف محدّدة، بعد أن كان أكد أنه لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة، لأنّها هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، في مؤشر إلى أنه يرغب بالعودة إلى معادلة لا غالب ولا مغلوب.

في هذا السياق، يعتبر عضو تكتل "لبنان القوي" النائب أدي معلوف، في حديث لـ"النشرة"، أن رئيس الجمهورية استند على الدستور في كلمته لتوصيف الواقع كما هو في وجه المعضلة التي تواجه عملية تأليف الحكومة، وهو قدم مبادرة من أجل الخروج من الأزمة لأن التصلب الحاصل في المواقف لا يبشر بالخير.

ولا يعتقد النائب معلوف أن هذا الأمر من الممكن أن يؤثر على العلاقة مع "حزب الله"، خصوصاً أنه في الأمور الداخلية من الممكن أن يحصل إختلاف في وجهات النظر، ويؤكد أن التمايز كبير في هذا الملف وكل فريق يرى الأمور من منظار معين، ويؤكد أهمية الحوار والتنازلات من أجل ​تشكيل الحكومة​ بظل الوضع الحالي الذي تمر فيه البلاد.

ويستغرب النائب معلوف التفكير الحالي لدى رؤساء الحكومات السابقين والسعي إلى الإستقواء بالخارج لقلب المعادلات، عبر السعي إلى تسمية الوزراء في حين هم لا يملكون الأكثرية النيابية، بالإضافة إلى التصلب بالموقف بالنسبة إلى ​وزارة المالية​ في الجانب الأخر، حيث يشير إلى أن ​إتفاق الطائف​ المكتوب لم يطبق، فلماذا التمسك بما هو موجود في محاضر وربما غير مكتوب.

من جانبه، يتمنى عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" النائب السابق ​مصطفى علوش​، في حديث لـ"النشرة"، لو أن رئيس الجمهورية كان له دور في تحميل المسؤوليات في الماضي، عندما كان يرزح تحت واقع المليشيات التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه اليوم، ويعتبر أن الإستلحاق في هذه المرحلة لا ينفع.

ويرى علوش أن الواقع وصل إلى ما هو عليه اليوم لأن الرئيس لم يكن قيّماً على الحياد في الدستور ولا على رعاية اللبنانيين واستمر بإرتباطه بالمليشيات الّتي وجه الإنتقادات لها اليوم، ويرفض تحميل رؤساء الحكومات السابقين المسؤولية عن التعطيل الحاصل على مستوى تشكيل الحكومة، ويعتبر أنه لو سمح لرئيس الحكومة المكلف بالتأليف كان سيتبين أنهم لم يطرحوا أي اسم.

بدوره، يعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ​قاسم هاشم​، في حديث لـ"النشرة"، أن الأزمة الراهنة كشفت عورات النظام الطائفي والمذهبي الذي تتجمع فيه المصالح أكثر من روابط المتينة المبنية على أساس المواطنة السليمة، ويرى أن المطلوب تطويره والذهاب نحو الدولة المدنية التي تنقل البلد من منطق التحاصص إلى رحاب الديمقراطية الحقيقية.

ويشير النائب هاشم إلى أن طرح رئيس الجمهورية المتعلق بالحقائب السيادية ليس بالجديد، حيث سبق أن تقدم به رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ويلفت إلى أن لدى عون رؤية وتصور خاص لكيفية الخروج من الأزمة، قد يفتح الباب لحل الأزمة التي تحتاج إلى تفاهم على أسس معينة، وبالتالي الوصول إلى تسوية ما، إلا أنه شدد على أن التسويات لا تأتي بالحلول الدائمة.

في هذا الإطار، كان صادماً حديث رئيس الجمهورية في كلمته عن أن البلاد ذاهبة نحو جهنم في حال لم توضع على السكة الصحيحة، الأمر الذي يعتبر علوش أنه الكلام الوحيد المنطقي، لأنه من الناحية العملية هذا هو مسار العهد وتسليمه الأمور لولي العهد، وقبل ذلك مسايرة السلاح غير الشرعي الذي أوصل البلاد إلى هذه النقطة.

وفي حين يؤكد النائب هاشم أن المطلوب الإسراع بحل أزمة الحكومة لأن لبنان يمر بظرف إستثنائي، يلفت إلى أنه في ظل إستمرار النظام الطائفي من الطبيعي أن تأخذ التوازنات في الشراكة بين المكونات، لأن تغليب رأي على الآخر لن يؤدي إلى الإستقرار، ويعتبر أن حديث عون عن أن البلاد ذاهبة إلى جهنم لم يكن مفاجئاً للمتابعين، لأن الجميع يدرك حالة الإرباك التي تمر بها البلاد، إلا أن الصادم قد يكون صدور هذا التعبير عن رئيس الجمهورية.

بينما يدعو النائب معلوف من يرى الأمور غير ذلك إلى أن يفسر وجهة نظره أمام اللبنانيين، حيث أن البلد يمر بأزمة منذ ما يقارب العام، وهناك الوضع الصحي والأزمة الإقتصادية وفي بعض الأحيان الأحداث الأمنية، ويشير إلى أن الجميع يصرخ من الواقع الراهن، ويضيف: "المواطنون استبشروا خيراً بالمبادرة الفرنسية وبإمكانية تشكيل الحكومة".

في المحصلة، قدّم رئيس الجمهورية طرحاً جديداً لمعالجة الأزمة، محذراً من الخطر القائم في حال إستمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، فهل تكون مفتاح الخروج من الأزمة الذي ينزل الأفرقاء المعنيين عن شجرة التصعيد؟.