أوحى بيان رئيس ال​حكومة​ السابق سعد ​الحريري​ الأخير بشأن تأليف الحكومة أن رئيس تيار "المستقبل" قرر فتح كوّة في جدار الأزمة من خلال مبادرة تسووية. وعندما جاء بيان التنصل منها في موقف رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، تمّ الإعتقاد حينذاك أن الحريري إما هو رسم السيناريو مع الثلاثي، أو هو يغرّد في مكان آخر، بعيدا عن حسابات الثلاثي المحلية أو الإنتخابية. هو أشار في بيانه إلى عنوانين دافعين لخطوته التسووية: المصلحة الوطنية والدور الفرنسي. ثم أتى ترحيب باريس بمبادرة الحريري "الشجاعة"، في وقت كان فيه الثلاثي المشار إليهم، بالحالتين، خارج إطار المعادلتين المحلية والدولية. فمن يدير الثلاثي؟ تبيّن أن السنيورة يُخطط، بينما يمضي خلفه كل من سلام وميقاتي من دون قدرة لهما على أي إعتراض.

إستطاع رئيس تيار "المستقبل" أن يعوّم نفسه، تاركاً الثلاثة الباقين، خلفه، تائهين في زواريب ضيّقة. لذلك، أنجز رئيس تيار "المستقبل" ربحاً سياسياً إضافياً يخوله البقاء في صدارة المشهد، بينما كان أبرز الخاسرين هو ميقاتي الذي كان ساد الإعتقاد السياسي سابقاً أنه إستطاع أن يوصل مرشحه د. ​مصطفى أديب​ الى مهمة تأليف الحكومة. فماذا يجري في حسابات أديب؟ هل يُكرر ما فعله رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​حسان دياب​ بالتخلي عن ميقاتي يوماً؟.

لم يتضح مسار تأليف الحكومة، لكن إندفاعة الحريري و"إيجابية" رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ يلتقيان على خط فرنسي مفتوح لإنجاز تركيبة حكومية قريباً.

تتحدث المعلومات عن أن "الثنائي الشيعي" تجاوب مع تمنيات فرنسيّة بالبحث عن تسوية مرتقبة تقوم على أساس: تقديم رئيس مجلس النواب نبيه بري لائحة بأسماء عشرة وزراء مقترحين لحقيبة الماليّة، يختار منهم الفرنسيون والحريري إسماً مقبولاً. هذه روحية التسوية ضمنياً التي سعى الفرنسيون لإنجازها. عندما استعانت باريس بطهران، جاء الرد الإيراني: تواصلوا مع حلفائنا في بيروت. كان الإيرانيون ينتظرون تجاوز العشرين من شهر ايلول الحالي، لمعرفة مدى دقّة الإلتزام الأوروبي تجاه طهران، بشأن عقوبات تريدها واشنطن متواصلة بحق إيران. لكن الإيرانيين ابدوا حسن النية تجاه باريس، وينتظرون ايضاً موقفا روسياً داعماً لهم في شأن ساحات المنطقة، ولا سيما ​لبنان وسوريا​. كل ذلك سيتم بحثه في زيارة ​وزير الخارجية​ الإيراني محمد جواد ظريف الى موسكو.

على هذا الأساس ترجم بري الإنفتاح على السعي الفرنسي، وهو كان سعى سابقاً لتحييد الفرنسيين عن اي انتقاد شيعي بشأن التصلب الذي أبداه الحريري حول حقيبة المالية.

فهل تولد الحكومة؟ التواصل مفتوح، لكن لا تزال التعقيدات موجودة بشأن التشكيلة. علما ان رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ألمح الى ضرورة أن تحظى أي صيغة بموافقته من خلال قوله: من دون أي اجتهاد او اختزال او تطاول على صلاحيات دستوريّة، ان رئيس الجمهورية معنيّ بالمباشر بتشكيل الحكومة وباصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلّف. يعني هذا الكلام أن اي إتفاق لا توافق عليه بعبدا لن يكتب له النجاح. مما يضطر بري والحريري الى أخذ موافقة رئيس الجمهورية قبل بتّ أي خطوة. وهذا ما يرجّح ان تنشط الإتصالات مع رئاسة الجمهورية قبل رسم نهائيّة أيّ تشكيلة حكوميّة. فهل تشهد الأيام القليلة المقبلة ولادة حكوميّة؟ أم ان كل رؤساء الحكومات السابقين يريدون البقاء في أعلى الشجرة كي يحط أحدهم لاحقاً في السراي الحكومي؟ في هذه الجولة تأهّل الحريري وخسر ميقاتي. متى يتم حصد النتائج؟.