في السادس والعشرين من ايلول الجاري تنتهي المهلة القانونية المتاحة أمام مجلس نقابة المحامين في بيروت لإتخاذ قراره حيال طلب إذن ملاحقة المحامي ​وديع عقل​ الوارد من النيابة العامة التمييزية، بناء على إخبار مقدم بحقه من شخصين مجهولين كتبا في الإخبار أنهما مقيمان في ​طرابلس​ لكنهما لا يردان على رقمي هاتفيهما. اليوم وقبل 48 ساعة من إنتهاء المهلة القانونيّة يعقد مجلس النقابة برئاسة النقيب ​ملحم خلف​ جلسة وعلى جدول اعمالها قضية عقل، وإذا لم تلعب النقابة دورها في الدفاع عن الحصانة التي يتمتع بها المحامي للدفاع عن موكليه وإحقاق العدالة، سيتمكن القاضي غسان عويدات من ملاحقة عقل بتهمة تحقير ​القضاء​ ونشر تحقيقات، أبرزها يتعلق بملفي ​الفيول​ المغشوش وإنفجار ​المرفأ​. اللافت في القضية هو أن طلب إذن ملاحقة عقل ورد الى مجلس النقابة منذ نهاية آب الفائت وحتى اليوم لم تبت النقابة به، على رغم إستماع مفوّض ​قصر العدل​ المحامي ناضر كسبار لعقل منذ أسابيع، وفي هذا التأخير أمر مريب، ويطرح علامات إستفهام عدة. لماذا إنتظرت النقابة كل هذه الفترة من دون ان تحسم قرارها في ملفّ عقل؟ وهل سبب التأخير مرتبط بنقيب المحامين أم بالأعضاء؟ ما الذي يطبخ داخل ​بيت المحامي​؟ وهل عمد البعض الى تسييس القضيّة بهدف تصفية حسابات مع التيار الوطني الحر الذي ينتمي اليه عقل؟.

روايات عدة تتردد داخل أروقة المحامين المنتسبين الى النقابة، منهم من ينقل عن أعضاء في مجلس النقابة بأن سبب تأجيل البت بملف عقل هو النقيب خلف نفسه، الذي كان يراهن على تشكيل ​حكومة​ مصطفى أديب خلال الأيام العشرة الماضية، ولو حصل ذلك وإسمه من ضمن تشكيلتها لكان قد ترك النقابة وجنّب نفسه الحسم بملف كهذا تحول الى كباش سياسي بين التيار وفريق ما كان يعرف بـ"​14 آذار​"، خصوصاً أن صوت النقيب مرجّح في حال تعادلت الأصوات بين أعضاء مجلس النقابة بـ6 أصوات مع إعطاء الإذن و6 آخرين ضد إعطاء إذن ملاحقة عقل. غير أن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن النقيب لأنّ حكومة اديب لم تعلن، ولأنه لا يزال نقيباً للمحامين وهو الذي سيترأس جلسة اليوم، وهنا لا بد من التذكير بأنه أكثر من يرفع لواء الدفاع عن الحريّات والعدالة فهل يمكن أن يتخلّى عن هذا الشعار داخل نقابته؟.

بين المحامين ايضاً هناك من يقول إن سبب التأجيل سياسي بإمتياز، ويعود الى سعي فريق "14 آذار" وراء أكثرية تعطي إذن الملاحقة بحق عقل، وهنا تشير المعلومات الى أن هذا الفريق يملك 6 أصوات من أصل 12 عضواً (صوتان للقوّات وصوت مقرب من ​الكتائب​ وصوت من ​تيار المستقبل​ وصوت إشتراكي إضافة الى صوت مستقلّ)، وأمام هذا الواقع يحتاج هذا الفريق الى صوت النقيب خلف لحسم إعطاء إذن الملاحقة، وهذا من الأمور التي لم تكن قد حسمت سابقاً، الأمر الذي أدى الى تأجيل الجلسة حتى الأيام الأخيرة من إنتهاء المهلة.

في المقابل وبإستثناء النقيب خلف الذي لم يعرف لصالح من سيصوت، هناك 5 أعضاء يتوزعون بين التيار والمستقلين، يرفضون إعطاء الاذن لملاحقة عقل، ويعتبرون انه وعلى رغم محاولات البعض تسييس القضية، النقابة تصوت في نهاية المطاف على ما ورد في تقرير مفوض قصر العدل، وهل ما قام به المحامي ناشئ عن مهنة المحاماة ام لا؟ وهنا بيت القصيد، فبين يدي عقل أكثر من وكالة لمتضررين وجرحى من إنفجار المرفأ، وتاريخ هذه الوكالات يعود الى ما قبل تقديم الإخبار ما يضع ما قام به من دفاع ولو عبر شاشات التلفزة ووسائل الإعلام من صلب مهنة الدفاع عن الحقوق، وكل كلام غير ذلك لن يكون إلا تسييساً بتسييس.

فهل تتخطى النقابة إمتحان الحريات أم أنها ستستقط بالتصويت السياسي؟.