الوضع في سجن روميه ليس على ما يرام وليس تحت السيطرة كما قالت ​وزارة الداخلية والبلديات​ في بيانها الأخير. هذا الكلام ليس من باب التحليل او التكهن، والهدف منه بالتأكيد ليس التصويب على وزارة الداخلية. هو الحقيقة بحد ذاتها التي ينقلها من خلف قضبان السجن من يتابع وضعه الصحي والإنساني غير المقبول. فبحسب المصادر المتابعة لملف السجن، أسوأ من القنبلة الصحية التي إنفجرت داخله هو طريقة تعاطي وزارة الداخلية والسلطات المعنية مع هذه المأساة. فتخيلوا مثلاً أن وزير الداخلية والبلديات في ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​محمد فهمي​ لم يحضر الإجتماع الموسع الذي عقد الأسبوع الماضي بين ​المديرية العامة لقوى الامن الداخلي​ وإدارة السجون والجمعيات الناشطة داخل السجن، كل ذلك من دون أن يعرف الحاضرون ما هو سبب غيابه، وهنا يسأل مصدر متابع "هل من ملف أهم بالنسبة الى الوزير أكثر من ملف ​سجن رومية​ كي يتغيب عن الإجتماع"؟.

في الكواليس هناك همس بأن وزير الداخلية المستقيل، يتصرف وكأن إدارة السجون ليست من صلاحيته بل من صلاحية ​وزارة العدل​ علماً ان الوزير يعرف جيداً أنها إدارة السجون محصورة قانوناً بوزير الداخلية شخصياً وليس فقط بوزارة الداخلية والبلديات.

صحيح أن ​القضاء​ يتعاون لتسريع إخلاءات السبيل وتخفيف الإكتظاظ داخل سجن رومية، وصحيح ايضاً ان الجلسات التي تعقد عن بعد وعبر ​الإنترنت​ تسرع المحاكمات اكثر من أي وقت مضى، لكن وتيرة الجلسات ليست بحجم المأساة والقنبلة التي يهدد ​السجناء​ بتفجيرها أمنياً متوعدين بالخروج من السجن حتى لو لم يقر ​مجلس النواب​ قانون ​العفو العام​. فالمصادر المتابعة لملف السجن ترى أن الحل لن يكون إلا بزيادة غرف السجن وبتكثيف جلسات المحاكمات والتسريع بإصدار الأحكام واللجوء الى تخفيفها خصوصاً لمرتكبي الجنح، كل ذلك بهدف الوصول الى تخفيف الضغط الداخلي في المكان وكل كلام غير ذلك يكون بعيداً كل البعد عن حقيقة الحل. وكمن يعرف الحقيقة ولا يريد الإعتراف بها، لا تزال أعداد المصابين المصرح عنها أقل بكثير من تلك الحقيقية التي تسجل يومياً إما بسبب كثرة المساجين وعدم حجر المصابين كما يجب، وإما بسبب سعي السجناء الى نشر ​كورونا​ وتعميمه علّ ذلك يسرع بإقرار العفو العام. تصرف إن دل على شيء فعلى إنتفاضة قريبة داخل السجن يعد لها السجناء عدتها وعناوينها تخريب وتكسير و​حرائق​ وشغب بهدف فتح الأبواب والخروج منه، على أن يواكب ذلك بتحركات أمام السجن ينفذها أهالي السجناء من كل المناطق. الحل بالتأكيد ليس بالعفو العام الذي يشجع على تكرار الجريمة ويضرب في الصميم أهالي الضحايا والشهداء. الحل يكون بإجراءات قانونية وقضائية سريعة وعادلة لتخفيف الإكتظاظ، وتأمين الحد الأدنى من ​حقوق الإنسان​، وهنا لا بد من تذكير ​الحكومة الجديدة​ قبل ولادتها بمشروع بناء السجون الجديدة في المحافظات، بعيداً كل البعد عن منطق الصفقات والمناقصات المشبوهة كما حصل في فضيحة سجن ​مجدليا​ الشهيرة.