أشار الخبير الإقتصادي ​وليد أبو سليمان​، في حديث لـ"النشرة" إلى أن "تكليف السفير ​مصطفى أديب​ بتشكيل حكومة جديدة كان في اطار مبادرة فرنسية أعلن عنها الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ شخصيًا ضمن خطة إصلاحية وخارطة طريق فرنسية، وعندما يتعذّر تشكيل هكذا حكومة بالطريقة التي حصلت، معنى ذلك أن هناك مَنْ نسف المبادرة من أساسها".

واعتبر أبو سليمان أن "المشكلة الأساس اليوم تتلخّص بالسؤالين التاليين: من سيدعم ​لبنان​ اليوم؟ ومن سيفاوض ​صندوق النقد الدولي​ في ظل حكومة مستقيلة؟ وبالتالي مع اعتذار مصطفى أديب وبوجود حكومة تصريف أعمال سيكون ​الأمن​ الغذائي والصحّي والاجتماعي في لبنان على المحكّ، بسبب الإنخفاض الملحوظ في إحتياطاتنا من العملات الأجنبية، وهذا سيُرتّب تداعيات وخيمة على البلاد".

وجزم أبو سليمان بأن "سعر ​الدولار​ الأميركي سيرتفع مقابل ​الليرة اللبنانية​ بسبب هذه الانتاكسة، وهذا ما شهدناه منذ اللحظات الأولى لإعلان أديب اعتذاره عن المتابعة في مهمّة ​تشكيل الحكومة​"، مؤكدًا أن "الطلب على الدولار من السوق السوداء سيزيد بشكل كبير وملحوظ".

ورأى أبو سليمان أن "كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية وقطاع الخدمات التي تعاني أصلًا من وضع مأساوي ستتأثر بشكل إضافي من إرتفاع ​سعر الدولار​، و​القطاع المصرفي​ متضرّر بشكل كبير أيضًا، وبالتالي أرى أن لبنان مع تعذّر تشكيل الحكومة دخل في المجهول"، مشيرًا الى أن "​الشعب اللبناني​ بات غير قادر على تدبير أموره اليومية، وعلى المسؤولين الإسراع في الإتفاق لتكيلف شخصية جديدة وتأليف حكومة تستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".

وذكّر أبو سليمان بأن "الصندوق المذكور هو الممر الإلزامي لأي ​مساعدة​ خارجية أو قروض مُيسّرة، وبإختصار يمكن القول أنّه هو الختم الإجباري الذي من دونه لا يُمكن للبنان الحصول على فلس واحد من الخارج"، موضحًا أن "​حكومة حسان دياب​ كونها في مرحلة ​تصريف الأعمال​ غير قادرة على التفاوض، لأنها عاجرة عن ​تحقيق​ أي إصلاح ولا تتمكّن من إرسال مشاريع قوانين إلى ​مجلس النواب​"، مؤكدًا أن "المطلوب هو الوصول إلى حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن، خصوصًا أن الوضع صعب في ظل التجاذبات الإقليمية، وقد رأينا كيف سُحِب ملف تشكيل الحكومة من الداخل إلى الخارج".

وشدّد أبو سليمان على أن "لبنان بأمسّ الحاجة إلى العملات الأجنيبة لتأمين السلع الأساسية من أدوية وطحين ومحروقات"، مشيرًا الى أن "​مصرف لبنان​ بحسب ما أكدّ الحاكم ​رياض سلامة​ قادر على تأمين الدعم حتى نهاية العام 2020 فقط، معنى ذلك أن وقف الدعم سيؤدّي إلى زيادة الطلب على دولار السوق السوداء التي تؤمّن اليوم 600 مليون دولار شهريًا"، متوقعًا "ارتفاع نسب ​الفقر​ و​البطالة​ وانخفاض حاد في القدرة الشرائية لدى المواطنين، وحصول فوضى في قطاع ​الأدوية​ وصولًا إلى إنتشار الأدوية المزوّرة، ومن الممكن أن يصل سعر ربطة ​الخبز​ الى أكثر من 10 الآف ليرة، وصفيحة ​البنزين​ إلى حوالي 80 ألف ليرة، وهنا تقع الكارثة"، معتبرًا أن "سعر الدولار يخضع لقاعدة العرض والطلب ولا أريد التكهّن إلى أي حدّ سيصل سعره".