رأى ​وزير الخارجية​ السابق ​فارس بويز​ أن ما شهدناه ونشهده من صراع تحت عنوان ​تشكيل الحكومة​، أكبر من خلاف حول الهوية المذهبية لحقيبة المالية، لا بل اكبر من الساحة ال​لبنان​ية برمتها، فهو صراع بين ​إسرائيل​ و​الولايات المتحدة​ والغرب من جهة، و​إيران​ وحلفائها من جهة أخرى، والواقع هو أن ​حزب الله​ بلغ حجما وتمددا في ​الدولة اللبنانية​ غير مقبول خارجيا، لكونه المرآة الإيرانية على شواطئ المتوسط، وداخليا، لتسببه بخلل في التوازنات الطائفية، ما جعل باقي ​الطوائف​ تتأهب لمواجهة هذا الواقع.

ولفت بويز في حديث لـ "الأنباء" الكويتية، الى أن لبنان يقع اليوم بين سندان ​الأزمة​ الاقتصادية والاجتماعية الموجعة التي لا خلاص منها إلا بدعم خارجي، ومطرقة حزب الله ذات الصلة الوثيقة بالصراعات الإقليمية والدولية، فالرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ الذي لم يستطع البقاء متفرجا على انهيار لبنان، عبر عن حماسته لإنقاذ الوضع بزيارتين تحت عنوان تشكيل "حكومة مهمة"، علما ان كل الحكومات تسند اليها مهمات وطنية تنفيذية، لكن ماكرون أراده تعبيرا دبلوماسيا لتفادي استفزاز ​الثنائي الشيعي​، إلا أن لتحرك ماكرون حدودا رسمها ​البيت الأبيض​، تقضي بتشكيل حكومة لا يكون لحزب الله دور فيها، بما يخرجه من مفاصل الدولة كمدخل ل​مساعدة​ لبنان ماليا.

وتابع: "نجح ماكرون في إيجاد ​مصطفى اديب​ كرئيس حكومة مستقل بكل ما للكلمة من معنى، لكن مع لحظة ولوج الاخير الى مربع إسقاط الأسماء، اعلن الثنائي الشيعي تمسكه بحقيبة المالية بحجة العرف، إضافة الى تسمية كل الوزراء ​الشيعة​، الأمر الذي أثار حفيظة الأميركي والفرنسي وكل الغرب، لاعتبارهم ان الثنائي يريد أولا إخفاء الممارسات التي حصلت في الماضي، وثانيا الاستمرار في استنزاف واستثمار الدولة، وبالتالي تكرار مشهدية حكومة دياب، التي سقطت نتيجة محاولتها الاحتيال على ​المجتمع الدولي​ لجهة استقلاليتها، من هنا يمكن القول ان الثنائي الشيعي لم تصله إشارة إيجابية من ​طهران​، التي لن تبيع الورقة اللبنانية ل​فرنسا​، وهي تنتظر ​الانتخابات الأميركية​ لترى ما اذا كانت ستبيعها للرئيس الأميركي القادم وليس المغادر، مقابل رفع العقوبات عنها وقبول بعض شروطها، ومن هنا أيضا يمكن التأكيد أنه لا حكومة للبنان قبل الانتخابات الأميركية، علما ان منطق الاصطفافات السياسية في لبنان مبني على قاعدة "واحد زائد واحد يساوي اثنين اذا كنا متفقين، ويساوي صفرا أو واحدا أو ثلاثة واكثر، اذا كنا مختلفين".

وختم بويز قائلا: "كان متوقعا وبقوة، ان يعتذر أديب عن عدم تشكيل الحكومة، لأن كل المعطيات كانت تؤكد استحالة وصوله الى خواتيم ترضي الشارع اللبناني والمجتمع الدولي، خصوصا أن طهران لم تتحرك إيجابا، انطلاقا من حساباتها حيال مرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية".