اشارت "الشرق الاوسط" الى ان الموقف الذي أعلنه امين عام حزب الله السيد حسن ​نصر الله​ مساء أول من أمس من المبادرة الفرنسية يختلف في مضامينه عن موقف رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​؛ لأن الأول أرداها بالضربة القاضية وأفرغها من مضامينها الاقتصادية وحوّلها - كما يقول مصدر سياسي معارض لـ"الشرق الأوسط" - إلى ​هيكل عظمي​، في حين حاول الثاني بلسان المكتب السياسي لحركة "أمل" رد الاتهامات التي وجّهها ​ماكرون​ إلى رئيسه والدفاع عن موقفه لجهة تمسّكه بالمبادرة الفرنسية غامزاً من قناة نادي رؤساء الحكومات السابقين ومحمّلاً الرؤساء ​نجيب ميقاتي​، ​فؤاد السنيورة​، ​سعد الحريري​ مسؤولية إعاقة تنفيذها.

واكد المصدر السياسي المعارض بأن نصر الله وإن كان أوحى بأنه مع تمديد الفرصة لماكرون لعله يعيد النظر بطروحاته التي وضعت الأطراف التي التقاها خلال زيارتيه ل​بيروت​ أمام نسخة مختلفة عن النسخة التي توافق عليها معهم في اجتماعي قصر الصنوبر، فإن نصر الله في المقابل يريد شراء الوقت بذريعة دعوته إلى صياغة جديدة لمبادرة ماكرون وأن تُسلّم بالملاحظات التي أوردها في خطابه حتى لا تسقط نهائياً.

ولفت المصدر نفسه إلى أن نصر الله تصرف وكأن الأمر له في تحديد مصير المبادرة الفرنسية، وقال إنه لم يطرح تمسكه ب​وزارة المال​ من زاوية ميثاقية، وإنما لتسجيل اعتراض على المضامين الاقتصادية للمبادرة الفرنسية، وصولاً إلى تجويفها من محتواها بذريعة أنه يخشى التوقيع على بياض لشروط ​صندوق النقد الدولي​ وبيع أملاك ​الدولة​ لتسديد الديون المترتبة عليها وخفض ​العجز​ في ميزانيتها.

وراى بأن ​نصرالله​ أقفل الباب في وجه تشكيل حكومة من مستقلين واختصاصيين بإصراره على أن يكون لـ"الثنائي الشيعي" وزراؤه، لحماية ظهر ​المقاومة​ ولقطع الطريق على رؤساء الحكومات الذين يخططون لتسمية الوزراء ووضع اليد على ​الحكومة​، وهذا ما يخشاه نصر الله كما يقول؛ كي لا تأتي حكومة شبيهة بحكومة 5 أيار 2008، في إشارة إلى تحذيره المباشر من مايو جديد كان وراء استضافة قطر ل​مؤتمر​ الحوار الوطني في ​الدوحة​.

وراى المصدر نفسه بأن نصر الله ليس في وارد الموافقة على تشكيل حكومة طبقاً للمواصفات التي أوردها ماكرون في مبادرته، ويقول بأنه لن يتراجع عن تأليف حكومة تكنوسياسية مجدداً، مع اتهامه نادي رؤساء الحكومات بأنهم يشكّلون أقلية في البرلمان ويريدون المجيء بحكومة يسيطرون عليها ويلغون نتائج ​الانتخابات النيابية​ الأخيرة.

وسأل المصدر السياسي، أين تكمن مصلحة نصر الله في إعادة تسعير الاحتقان السني - الشيعي بدلاً من السيطرة عليه ومحاصرته، ويقول، هل تعالَج ​الأزمة​ اللبنانية بالمكابرة والعناد وصولاً إلى ترهيب رؤساء الحكومات وتحريض الشريك المسيحي عليهم بذريعة أنهم يصادرون الصلاحيات التي أناطها ​الدستور​ ب​رئيس الجمهورية​ ويمنعونه من أن يكون شريكاً مع رئيس الحكومة المكلف في اختيار الوزراء؟

واكد بأن نصر الله وإن كان أراد أن يُشرك رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ في خلافه مع رؤساء الحكومات، فإنه في المقابل يدرك جيداً بأن أديب قال كلمته ومشى إلى ​برلين​ للالتحاق بمقر عمله بعد أن اعتذر عن ​تشكيل الحكومة​؛ لأنه ليس في وارد تشكيل حكومة أمر واقع يراد منها الصدام مع هذه الطائفة أو تلك، وهو كرر موقفه في لقاءاته مع ممثلي "الثنائي الشيعي" المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب ​علي حسن خليل​، والمعاون السياسي لنصر الله، ​حسين خليل​، بأنه لن يكون مطية للاشتباك مع ​الشيعة​، وأن لا حكومة من دون الحصول على ثقة هذا الثنائي.