ما إن إنتهت ​الجلسة التشريعية​ الأخيرة التي عقدها ​مجلس النواب​ في ​قصر الأونيسكو​ الأربعاء الفائت الى تأجيل البت بقانون ​العفو العام​، حتى هدأت معها العاصفة المطالبة بقانون العفو، وكأن كورونا لم يعد موجوداً في السجون ولا سيما في سجن روميه المركزي. عاصفة العفو العام، هدأت على ثلاث محاور بحسب العارفين بالملف، محور الأهالي المطالبين بعفو عام شامل لكل الجرائم، ومحور ​السجناء​ الذين كانوا يعدّون لإنتفاضة شغب وتكسير في سجن روميه، ومحور السياسيين الذين قصّروا بواجباتهم على مر السنين لناحية عدم بناء سجون جديدة بهدف تخفيف الإكتظاظ، وعندما طرق ​فيروس كورونا​ أبواب السجون، لم يجدوا سوى شعوبية العفو العام لسد ثغرات تقصيرهم وفسادهم وحتى لو جاء هذا العفو على حساب مشاعر وأحاسيس ​ضحايا​ وشهداء سقطوا في شباك مجرمين سيشملهم قانون العفو بالصيغة التي وصل فيها الى ​المجلس النيابي​.

على صعيد الأهالي، تشير المعلومات الى تبلغهم الرسالة التالية ومن اعلى المراجع في الدولة، "قانون العفو العام بصيغته الحالية لن يمر لا في الجلسة النيابية المقبلة ولا في الجلسة التي تليها ومهما علت الأصوات المطالبة بإقراره"، لذلك أخرجوا من الشارع وأوقفوا تحركاتهم.

على مستوى السياسيين، يقول المتابعون للملف، لقد تولدت قناعة لديهم أنهم لن يتمكنوا من إقرار العفو العام ما دامت هناك فئات وأحزاب وتيارات سياسية وازنة تعارض هذه المهزلة، وما دامت ​الدولة اللبنانية​ قادرة على تسوية الأوضاع داخل السجون عبر الكثير من الإجراءات وأبرزها تسريع المحاكمات والعفو عن كبار السن وإعفاء المحكومين من الغرامات، هذا بالإضافة الى نقل السجناء المصابين الى مبنى خاص الى حين إنتهاء من حجرهم الصحي والتأكد بأنهم أصبحوا بخير.

اما بالنسبة الى السجناء الذين هددوا بتكسير السجون وحرقها، فقد وصلتهم الرسالة الأمنية أيضاً، ومفادها أن همروجة العفو إنتهت وإنتهى معها الخطاب التمرّدي والتهديدات بفتح بوابات السجن. حتى السجناء الذين كانوا يرفضون بالأمس القريب إجراء فحص pcr لمعرفة وضعهم الصحي، وذلك بهدف نقل العدوى سريعاً وتفشي الفيروس خلف القضبان لدرجة تجعل مجلس النواب مضطراً الى التصويت مع العفو، تشير المعلومات الأمنية الى أن اكثرية هؤلاء التي صعّدت قبل جلسة العفو، عادت لتتأقلم مع الواقع داخل السجن وهي باتت على علم ويقين بأن طبخة السمّ للعفو العام لم تستو بعد، أو بالأحرى قد لا تستوي وسط مروحة واسعة من الإعتراضات عليها، وقد بدأت هذه الأكثرية بإجراء فحوص الـpcr.

إذاً في المحصلة، ما كان يحصل من تحركات داخل السجن وخارجه في الأيام القليلة الماضية، لم يكن هلعاً من تفشي كورونا داخل السجن كما قيل، كورونا موجود وبقوة داخل السجون لكن الضجة التي أثيرت حول هذا التفشي تبين أنها مضخّمة بعض الشيء وذلك بهدف الضغط على القوى السياسية الرافضة للعفو العام وتمرير القانون في المجلس النيابي، لا أكثر ولا أقل.