اثر إعلان الرئيس ​نبيه بري​، في الأيام القليلة الفائتة، الإتفاق عن وضع الإطار للتفاوض، في شأن ​ترسيم الحدود​ البحرية، والبرية جنوباً، بدأت تتحرك معه، ​المياه​ الراكدة حكومياً، على اعتبار أن هذا الإعلان، قد يسهم، في تبريد الأجواء، بين محوري ​المقاومة​، و​الولايات المتحدة الأميركية​، التي إعتبرت بدورها، على لسان وزير خارجيتها، ​مايك بومبيو​، أن الإعلان المذكور، هو "إتفاقية تاريخية"، بوساطةٍ أميركيةٍ. ويعتبر ذلك، إنجازاً للإدارة الأميركية الراهنة، حققته قبل أسابيعٍ قليلةٍ، من حلول موعد الإنتخابات الرئاسية، وقد يجيّر هذا "الإنجاز"، الى الرصيد الإنتخابي، للرئيس ​دونالد ترامب​.

لاريب أن هذه الأجواء، تساعد في تأمين المناخ اللازم، لإعادة تفعيل المبادرة الفرنسية، بالتالي إعادة تنشيط حركة المشاورات بين المعنيين، لتحديد موعد للإستشارات النيابية الملزمة، التي تؤول الى تسمية رئيسٍ جديدٍ مكلفٍ ب​تشكيل الحكومة​ العتيدة، بعد إعتذار الدكتور ​مصطفى أديب​ عن "التكليف". ومن المرجح أن تكون مهمة الرئيس المكلف المقبل، أكثر سهولة، من مهمة أديب السابقة، لأن الرئيس الجديد، سيبدأ من حيث إنتهى أديب، أي أن "الجديد"، سيعمل على تذليل العقد، التي أعاقت مهمة أديب، ودفعته الى الإعتذار.

وكي لا تتكرر تجربة أديب، الأمر الذي يتهدد بإسقاط المبادرة، جاء طرح الرئيس ​نجيب ميقاتي​، الداعي الى تشكيل "حكومة تكنوسياسية"، مؤلفة من 14 وزيراً من ذوي الاختصاصات المختلفة، خصوصاً في مجالي ​الاقتصاد​، و​العلوم​ ​المال​ية والإدارية، لوقف الإنهيار المالي، ووقف التدهور الإقتصادي والمعيشي، أولاً، ووضع الأطر للازمة لتطبيق ورشة إصلاحية شاملة في البلاد ثانياً. ثم تأمين الغطاء السياسي لها، من خلال توزير 6 وزراء، يمثلون القوى السياسية الأساسية، الممثلة في البرلمان، بحسب طرح ميقاتي، الذي يحمل نكهةً فرنسيةً، على حد تعبير مصادر سياسية متابعة لمسار هذا الطرح.

وعن توقيت الطرح، كونه جاء بعد مبادرة الرئيس ​سعد الحريري​، الذي تجرّع فيها "كأس السم" على حد تعبيره، بعد موافقته على إسناد حقيبة المال، الى وزير شيعي، وفق ما جاء في المبادرة المذكورة، قبل إعتذار أديب، تؤكد المصادر عينها، أن طرح ميقاتي مستقل عن مبادرة الحريري، ولم يأت رداً عليه، كذلك لا يشكل خروجاً على ثوابت نادي رؤساء الحكومات الأربعة، الذين جمعتهم "المصيبة" في المرحلة الراهنة، وهو الخوف، من التوصل الى عقدٍ سياسيٍ جديدٍ، يقلص صلاحيات رئيس الحكومة، بما نص عليها ​إتفاق الطائف​.

وتعتبر المصادر أن تجمع رؤساء الحكومات الأربعة، قد يسهم في تعزيز موقع رئاسة الوزراء، في أي عقد جديد، قد يلوح في الأفق.

وتزامناً مع إعلان ميقاتي طرحه هذا، وإمكان وضعه على بساط البحث الجدي، بين القوى السياسية اللبنانية، خصوصاً بعد فشل تسويق طرح تأليف حكومة مستقلة بالكامل، وإعتذار أديب، تكشف المصادر، أن هناك طرحاً آخر، يسير في موازاة طرح ميقاتي، ويفضي الأول الى تشكيل حكومة سياسية برئاسة الحريري. ولكن ترجح المصادر أن طرح ميقاتي، قد يلقى قبولاً أكثر لدى مختلف القوى، نظراً لدقة الظروف الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر فيها البلاد، بالإضافة الى أن الحريري، لا يحظى حتى الآن بتأييد ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، و ​التيار الوطني الحر​، ودائما بحسب رأي المصادر.

وتكشف أيضاً أن هناك دوراً للمدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ في عملية التفاوض، ونقل وجهات النظر بين المعنيين في مسألتي التكليف والتأليف، عل ذلك أن يصل الى الخواتيم السعيدة، تختم المصادر.

في المقابل، وتعقيباً على ما ورد آنفاً، يؤكد مرجع في فريق ​8 آذار​، أن فريقه، بما فيه (الثنائي ح ز ب الله، و​حركة أمل​)، لم يتلق أي طرحٍ جديٍ، يتعلق في مسألتي التكليف والتأليف، حتى ​الساعات​ القليلة الفائتة، مبدياً رأيه في طرح ميقاتي، بأنه جدير بالبحث، على حد قوله.

ولايخف المرجع أن اللقاء الأخير بين مسؤول العلاقات الدولية في الحزب ​عمار الموسوي​، والسفير الفرنسي في ​بيروت​ ​برونو فوشيه​، في الساعات الفائتة، قد يدفع قدماً في إعادة تنشيط المبادرة الفرنسية، وإن إتخذ هذا اللقاء، طابعاً بروتوكولياً، يختم المرجع.