أشارت صحيفة "الفاينانشال تايمز" البريطانيّة، في مقال رأي بعنوان "قد يكون ل​لبنان​ الّذي يؤلم القلب أيام أفضل"، إلى أنّ "مع اقتراب القرن الأول في البلاد من نهايته، قام الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ برحلات مكوكيّة بين ​باريس​ و​بيروت​ في محاولة لتجنّب الانهيار الكامل".

ولفتت إلى أنّها "كانت 100 سنة مأساويّة. لا تزال الغيرة الطائفيّة تسيطر على الأحزاب وال​سياسة​"، مبيّنةً أنّ "الاعتماد على التدخّل أو النفوذ الأجنبي، الّذي ولّد الدولة الجديدة، لا يزال أسلوب عمل قادة لبنان، ولا تزال البلاد ملعبًا للصراعات الإقليميّة". وركّزت في الوقت عينه، على أنّ "للبنان تاريخ بديل أيضا. على مدى القرن الماضي، عاشت مجتمعات مختلفة وحكمت معًا، وازدهر مجتمع تعدّدي في منطقة يهيمن عليها الاستبداد والقمع، واكتسبت الهويات المدنيّة والقوميّة زخمًا. برزت بيروت كعاصمة ثقافيّة للعالم العربي".

وأوضحت الصحيفة أنّ "في الواقع، تمثّل احتجاجات تشرين أول 2019 هذا لبنان الآخر: حركة عفويّة جلبت الآلاف إلى الشوارع، للمطالبة بإسقاط الأوليغاركيّة الحاكمة وإنهاء ​الحكومة​ الطائفيّة الفاسدة"، مبيّنةً أنّ "الأوليغاركيّة لا تهتم كثيرًا بصرخات شعبها. حتّى قبل انفجار آب، انهارت العملة الوطنيّة، وتمّ القضاء على مدّخرات الناس، وارتفعت ​البطالة​ و​الفقر​ بشكل كبير".

ورأت أنّ "لبنان بحاجة إلى تغيير عميق وشكل جديد من السياسة، حيث يتولّى المواطنون مسؤوليّة مصيرهم ويختارون قادتهم بدلًا من اتّباعهم في قطعان طائفيّة. إنّه بحاجة إلى دولة مدنيّة وكفاءة تحكم بشفافيّة ووفق سيادة القانون، ودولة تصرّ على السيادة الكاملة على أراضيها". وذكرت أنّ "من غير المرجّح أن يحصل لبنان على ذلك. فقد بدأت مبادرة ماكرون بآمال كبيرة في إقناع الأوليغاركيّة بالتنحّي جانبًا، موقّتًا على الأقل، والسماح لحكومة طارئة من مستقلّين قادرين على القيام بالإصلاحات العاجلة اللّازمة لوقف الانهيار الاقتصادي وبدء الانتعاش. لكن المبادرة تعثّرت منذ البداية، وانهارت في 26 أيلول بسبب فشل الأحزاب في الاتفاق على توزيع الحقائب الوزاريّة".

وخلصت إلى أنّ "​المجتمع الدولي​ معني بحقّ بشأن لبنان. استقراره هو مفتاح استقرار ​الشرق الأوسط​ وشرق البحر الأبيض المتوسط"، مشدّدةً على أنّ "التحدّي يكمن في كيفيّة تقديم مساعدة عاجلة لدولة يصرّ شاغلوها على قيادتها إلى الهاوية، كيفيّة الضغط من أجل الإصلاحات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الضروريّة، وكيفيّة تشجيع عمليّة سياسيّة مفتوحة حيث يمكن للقوى المحليةّ للتغيير أن تنمو". وأشارت إلى أنّ "من المرجّح أن تنتظر المحاولة الجادّة التالية ل​تشكيل الحكومة​ نتائج ​الانتخابات الأميركية​ في تشرين الثاني".