في الأشهر الماضية، عزّز رجل الأعمال بهاء الحريري من حركته السياسية على الساحة ال​لبنان​ية، سواء من خلال المواقف التي يطلقها بين الحين والآخر أو من خلال دعمه بعض المجموعات المشاركة في الحراك الشعبي، أو من خلال دعم بعض المؤسسات الإعلامية للعمل على الترويج له، إلا أنّ الجديد هو الإعلان أنه سيقدم مشروعه السياسي خلال مهلة شهرين، التي تأتي بالتزامن مع موعد الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، التي يتنافس فيها كل من الرئيس الحالي المرشح عن الحزب "الجمهوري" ​دونالد ترامب​ والمرشح عن الحزب "الديمقراطي" ​جو بايدن​.

في الوقت نفسه، ستكون الساحة اللبنانية على موعد، في الشهرين المقبلين، مع مجموعة واسعة من التحوّلات، إنطلاقاً من الحديث عن عودة التحركات في الشارع مع إقتراب موعد الذكرى الأولى لإنطلاقتها في السابع من تشرين الأول الحالي، في ظلّ وجود العديد من العناوين المساعدة في هذا المجال، لا سيّما مع إستمرار تدهور الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة.

في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن بهاء الحريري، الذي يخوض منافسة شرسة مع شقيقه رئيس ​الحكومة​ السابق ​سعد الحريري​ على الساحة السنّية وصلت إلى حدّ الإشتباك المسلّح بين أنصارهما في منطقة ​الطريق الجديدة​، يراهن على هذه التحولات كي تكون عاملاً مساعداً له في حركته السياسية، كونه يدرك جيداً أن نجاحه لا ينطلق فقط من الأرضيّة المحليّة، بل يحتاج أيضاً إلى عوامل أخرى إقليميّة ودوليّة تصبّ في صالحه.

على المستوى الإقليمي، تشير هذه المصادر إلى أن كلّ ما قيل في الماضي عن إرتباط نجل رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​ الأكبر بالمشروع التركي في لبنان غير صحيح، نظراً إلى أنّه لا يستطيع الخروج من إطار علاقاته العربيّة، لا سيّما مع كل من المملكة العربية السعودية ودولة ​الإمارات​ العربيّة، وبالتالي هو تحت المظلّة الإقليميّة التي كانت راعية لشقيقه، إلا أنّه يستفيد من توتّر علاقات شقيقه مع كل من الرياض وأبو ظبي، حيث كان لافتاً أنّ ورقته استخدمت بوجه سعد الحريري، في أكثر من مناسبة، لمنعه من الذهاب إلى خيارات تسووية على الساحة المحلّية، لا تريدها العاصمتين في الوقت الراهن.

أما على المستوى الدولي فهناك ما ينبغي التوقف عنده، خصوصاً على مستوى الإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة، حيث تلفت المصادر نفسها إلى أن الرهان السعودي-الإماراتي، كما هو معلوم، على إعادة إنتخاب ترامب لولاية جديدة، بينما رهان بهاء الحريري هو على فوز منافسه بايدن، حيث تجمعه واياه علاقة صداقة قويّة، وتشير إلى أن فوز المرشح الديمقراطي، في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، سيعني دخول بهاء الحريري إلى ​الحياة​ السياسية بقوة دفع كبيرة، وتؤكّد أن هذا هو الرهان الأساسي الذي لدى رجل الأعمال اللبناني في الوقت الراهن.

في هذا المجال، تشير المصادر السياسية المطلعة، من أجل التأكيد على عمق العلاقة التي تجمع بايدن بالحريري، إلاّ أن المرشح الرئاسي الأميركي سبق له أن شارك شخصياً، في العام 2011، في إحتفال نظّم في واشنطن تسلم خلاله رجل الأعمال اللبناني جائرة تكريميّة، بعد إفتتاح مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلنطي، وتشدد على أن هذه العلاقة لا تتوقف عند بايدن فقط بل تشمل العديد من الشخصيات المؤثرة في الحزب "الديمقراطي".

من وجهة نظر المصادر نفسها، خسارة بايدن ستكون الضربة القويّة التي سيتعرض لها الحريري، إلا أنها لن تعني نهاية مشروعه السياسي، حيث لدى الرجل طموحاً شخصياً يسعى للوصول إليه منذ فترة طويلة، وهو كان قد ظهر خلال الحادثة التي تعرّض لها شقيقه في الرياض في العام 2017، عندما تمّ إجباره على تقديم إستقالته بعد إعتقاله هناك، إلا أنها تجزم بأن حركته لن تكون بالشكل نفسه الذي ستكون عليه في حال فوز المرشح "الديمقراطي".

في المحصّلة، الإنتخابات الرئاسّية الأميركيّة لن تكون مفصليّة على مستوى الأزمة اللبنانيّة فقط، حيث ينتظر جميع الأفرقاء الإنتهاء من هذا الإستحقاق الذي يراهنون عليه، بل تداعياته ستشمل التنافس القائم على الساحة السنّية بين الشقيقين: بهاء الحريري وسعد الحريري.