أفادت أوساط مطلعة لصحيفة "الراي" الكويتية، عن أنه "رغم إفراج عون عن استشارات التكليف بمعزل عن تفاهُمات مسبقة كان فريقه اشترطها على التأليف، لم تتعاطَ مع هذا التطور على أنه مفتاحُ انفراجٍ بمقدار ما أنه يعبّر عن استمرار الدوران في الحفرة، في ظل صعوبة تَصَوُّر أن تحمل الأيام الفاصلة عن الخميس المقبل اختراقاتٍ من النوع الذي يوفّر ل​لبنان​ طريقاً مختصرة للخروج من جحيم الانهيار الكبير الذي تتوالى مَظاهره الكارثية".

وأوضحت أنه "ليس المهمّ تحديد موعد الاستشارات ولا حتى تأليف حكومة كيفما كان، فالأهمّ استيلاد تشكيلةٍ بمعيار الخطر الوجودي الذي يواجهه لبنان جراء النكبة المالية - الاقتصادية التي تكاتفتْ لبلوغها عواملُ ​الفساد​ وسوء الإدارة والإفراط في لعبة ​المحاصصة​ الطائفية - الحزبية لغايات سًلْطوية بالتوازي مع تفريطٍ نافرٍ بكل صمامات الأمان السياسية التي لطالما شكّلها انضواء بيروت تحت الشرعيتين العربية والدولية لمصلحة انخراط ​حزب الله​ في مشروع التمدد ال​إيران​ي الذي انكشفت البلاد على رياح صدّه العاتية في المنطقة. وهذه الحكومة بالتحديد هي التي حاولتْ مبادرةُ الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ الدفعَ باتجاهها على قاعدةٍ مزدوجة: الأولى في الشكل الذي يقوم على تشكيلةٍ من اختصاصيين مستقلّين لا تسميهم القوى السياسية، بما يشتري للبنان وقتاً مستقطعاً في المواجهة الأميركية - الايرانية عبر إبعادِ تأثيرِ حزب الله المباشر عن السلطة التنفيذية وتالياً تهدئة الثور الأميركي الهائج. والثانية في المضمون الذي يرتكز على جدول أعمال إصلاحي بمهلٍ محدَّدة يضعُ البلادَ على سكة إنقاذٍ مالي مُمَرْحَل لا تكتمل شروطه بمعزل عن الشقّ السياسي من الأزمة اللبنانية".

واعتبرتْ أن "ثمة محاولةً تبلورتْ ملامحها في الساعات الماضية لإجراء مقايضةٍ بين طبيعة الحكومة وبين المشروع الإصلاحي، على قاعدةِ السعي لانتزاع تشكيلةٍ سياسية بأوسع تمثيلٍ أو بالحدّ الأدنى تكنو - سياسية تحت سقف البُعد الذي كان رَسَمَهُ الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصر الله​ غداة اعتذار أديب بتأكيده أن تمثيل الحزب في الحكومة هدفه حماية ظهر ​المقاومة​ ومنْع انزلاق لبنان في المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​".

وأوضحت "أنه بإفراج عون عن الاستشارات المُلْزمة انطلق مسار من عضّ الأصابع الداخلي - الاقليمي لا يخلو من عناصر حرب نفسية تحاول الاتكاء على معانٍ مُضَخَّمة لخفايا وأثمان لعب ​الثنائي الشيعي​ ومن ورائه إيران ورقة الترسيم البحري بين لبنان و​اسرائيل​ لجرّ كل أفرقاء الداخل إلى شراكةٍ في إدارة الانهيار عبر النزول عن التلة وتكوين درعٍ سياسي تَشارُكي بوجه كل الاحتمالات التي قد تطلّ بعد ​الانتخابات الرئاسية​ الأميركية والتي لا يُستبعد أن ستبقها موجة عقوباتٍ جديدة تربط أيدي الإدارة الجديدة أياً تكن هوية سيدّ ​البيت الأبيض​".

ورأت الأوساط أن "الأنظار تتجه خصوصاً إلى نادي رؤساء الحكومة السابقين وإذا كانوا في وارد تكرار تجربة اقتراح سلّة أسماء ل​رئاسة الحكومة​ لتختار قوى الغالبية النيابية بينها كما حصل مع تكليف أديب ولكن لرئاسةِ تشكيلة بشروط حزب الله وحلفائه، وحتى إذا كانوا يغطّون طرْح ميقاتي لحكومة تكنو - سياسية من 20 وزيراً، لأن في الجواب على هذا السؤال يتّضح إذا كانت البلاد ستتجه إلى حكومات ما قبل ثورة 17 اكتوبر 2019 التي استقال الحريري على وهجها قبل نحو عام، أو إلى استنساخ تجربة ​حكومة حسان دياب​ المستقيلة ذات اللون الواحد، وإذ اعتبرت هذه الأوساط أن إطلالة الحريري التلفزيونية مساء اليوم ستبلور الكثير مما ستحمله الأيام الفاصلة عن الاستشارات ولا سيما أن قوى الغالبية تفضّل أن يترأس هو الحكومة الجديدة بقواعد الأكثرية النيابية، لاحظتْ أن ثمة محاولة من الائتلاف الحاكم لوضع الرئيس الفرنسي أمام معادلة إما أن تتحرّك دفْعاً لنسخة جديدة من مبادرتك بشروطنا على صعيد إدارة التفاوض وطبيعة الحكومة وتالياً توازناتها، وإما تعلن فشلك مع ما ينطوي عليه ذلك من انتكاسة لمكانة ​فرنسا​ في المنطقة".

وأعربت الأوساط عن "صعوبة تقديرِ إذا كان الائتلاف الحاكم سيغامر بحكومةٍ من خارج شروط المبادرة الفرنسية التي حظيت بعدم ممانعة أميركية على ألا تكسر حلقة الضغط الأقصى على حزب الله من ضمن المكاسرة مع إيران، مشيرة إلى أن أي حكومةٍ جديدة ليكون لها أمل في وقف تَدَحْرج لبنان نحو السقوط المريع ينبغي أن تتكىء على سيبة ثلاثية تبدأ داخلياً من تغطية الرباعي السني لها، ومن وقْعها على ​المجتمع الدولي​ كما على الشارع الذي يتهيأ لإحياء الذكرى الأولى لانتفاضة 17 تشرين الأول".