أشار الوزير السابق ​نقولا تويني​ إلى أن "الساسة في ​لبنان​ اقتنعوا على يد ​السلطة​ الاولى وهي سلطة المال والبنوك ان العيش والازدهار ​الاقتصاد​ي ممكنان بتركيبة اقتصادية فريدة من نوعها ألا وهي الحصاد بدون الحاجة الى الزرع، عبر تطبيق نظرية القطاف لقلة من السياسيين ورجال المال حول وليمة اموال لبنانيي الخارج واستنزاف مالية ​الدولة​. وجرى تركيب هيكلية خفيفة بنكوكرسية مقتصرة على نادٍ حصري من السياسيين والمتمولين والحقوقيين ورجال الامن، تماما على اشكال الكامورة المافياوية بهدف ترتيب توزيع الاولويات في التوزيع بعد الحصاد. واشتهرت وجوه لا علاقة لها بالعمل والانتاج بل بالطفيلية الاجتماعية فدقوا اجراس الاعراس ذات الكلفة الباهظة وعتمدوا السيارات الفارهة واليخوت المشبوهة، وتمكن حوالي ١٠٠٠ ​حساب مصرفي​ استحواذ ٥٠ بالمائة من الارصدة البنكية. كذلك الأمر في ملكية البنوك وتقاسم حوالي مليون ومائتين حساب ال ٥٠ بالمائة الباقية من الارصدة البنكية، وهذا خير معبّر عن اختلال عميق في توزيع الثروة في لبنان كما أنه يبيّن بوضوح كيف تم استحواذ مجموعة محدودة العدد والانتماء على كمية اموال ليس بالامكان تجميعها بالوسائل الانتاجية المعروفة من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات .وهكذا اصبحت الموجودات المصرفية تعادل حوالي ٤،٥ مرات الدخل القومي اللبناني وهي اعلى نسبة عالمية. ووصلت ديون الدولة الى ٩٠ ملياراُ او اكثر اي حوالي ١٦٠ بالمائة من الدخل القومي وهي اعلى نسبة عالمية".

وأوضح أنه "تلازَمَ ذلك مع نضوب او حتى تلاشي التحويلات من ​الخليج​ والخارج منذ بداية ​الحرب السورية​ إذْ عمدت البنوك إلى رفع الفوائد لجلب الاموال مما خنق الاقتصاد المنتج الذي تلاشى تماماً، فحصةُ ​الزراعة​ من الدخل القومي اصبحت تقارب ٣ بالمائة من الدخل القومي واصبحنا نستورد ما يقارب ٩٥ بالمائة من الحاجة التموينية ،وزاد عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات فاصبحنا نصدّر الى ​اوروبا​ ما قيمته ٦٠٠ مليون ​دولار​ ونستورد بالمقابل حوالي ١٢ مليار دولار! تمول من العملة الصعبة المتاحة لدي ​المصارف​ و​البنك المركزي​ الى ان بدات سلسلة الازمات الخانقة. وفي ١٧ اكتوبر نزلت جماهير الطبقة الوسطى مع فئات اجتماعية المتضررة الى الشوارع. فأغلقت البنوك ابوابها وابتدات في تقنين العملة الصعبة ثم العملة الوطنية. وقد تم اكتشاف فضيحة وطنية ومالية وأخلاقية فحواها أن هذه البنوك حولت ما يقارب ٢٢ مليار دولار في خضم الازمة الى الخارج بما عرف بلائحة المُحَوّلين المؤثرين، ولا تزال هذه اللائحة سرية وقيد التحقيق لدى الادعاء ​العام المالي​. هذا التحويل الخطير والمشبوه اجهز على قدرة المالية المصرفية في العملة الصعبة ولَم تتم معرفة خفاياها وهوية مرتكبيها تحت شعار التلطي خلف السِّرية المصرفية بشكل سافر أشبه بذرّ الرماد في العيون".

ولفت الوزير السابق إلى أنه "بناءً على ما تَقَدم من استعراض الوقائع المؤلمة ومن يوميات نضوب العملات في البنوك نرى ان التدمير الممنهج للقطاع المصرفي اتى على ايدي ارباب القطاع نفسه وارباب سلطة المال في لبنان عبْر قرارات تعسُّفية جائرة، ولا يجوز تحميل المسؤولية لأحد آخر لأن العمل والقرار والمناورة محصورة بهم بما في ذلك المحافظة على سعر الصرف الثابت منذ سنة ١٩٩٣ مما اتاح ارباحاً باهظة للمودعين الكبار في سنوات امتازت بالركود والضمور والقصور الاقتصادي، وبقرارات مجحفة في حق ذوي الدخل المحدود وبتدمير منهجي للطبقة الوسطى في لبنان ، وهي الطبقة التي تُشكّل عماد ​الإقتصاد​ المعافى في الدول الحديثة".