أكّد المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع انه "ومن موقع الأمانة والمواطنة والمسؤولية، أنه لم يعد مقبولاً أن نستمر في إغراق المركب، وقتل الأمل في نفوس ال​لبنان​يين، بسياسات مالية واقتصادية أفلست البلد، وبطبقة سياسية "عملت يلّي ما بينعمل" ضد شعبها، وضد بلدها، ولا زالت على الرغم من كل هذا الخراب وهذا الفشل السياسي المدويّ تحاول إعادة عقارب ​الساعة​ إلى الوراء، بذات العقلية والسلوك في مقاربة واقع البلد، الذي بات بحاجة مسيسة إلى حكومة استثنائية، حكومة نظيفة، حكومة لا تخضع للمزاجيات ولا للحسابات الشخصية والطائفية، حكومة همّها الأول إخراج البلد المهدّد في كينونته، وفي ناسه الغارقين في معاناة غير مسبوقة، معيشياً وحياتياً وصحياً، إلى درجة أن حبّة ​الدواء​ صارت سلعة للمتاجرة، واللقمة أصبحت مادة لتخويف الناس وتهديدهم بالجوع".

ولفت إلى أن "لعبة رفع الدعم لعبة وقحة، وفيها قلّة ضمير، وتنمّ عن نفاق وتكاذب سياسي، بعنوان المبادرة الفرنسية التي أيّدناها، ولكن نخشى أن تتحوّل إلى جسر عبور باتجاه أهداف خفيّة، وأجندات خبيثة. من هنا نلفت نظر الرئيس المكلف لنقول له: نحن أمام مأزق كبير، وعلى موعد مع ​انفجار​ اجتماعي خطير، إذا لم يتغيّر الأداء، وتعدّل التوجهات، وتصوّب المقاربات، وتدرس بعناية وبدقة المواقف والقرارات. فالبلد لم يعد يحتمل، والناس كَلّ صبرهم، وزاد يأسهم، وانعدمت ثقتهم، ولم تعد تعنيهم كل هذه التسويات وهذه الترقيعات، وكل هذه السياسات التي انفضحت بظواهرها وبواطنها، "الناس بدها تاكل، الناس جاعت"، الناس افتقرت، الناس ملّت الوعود الفارغة، الناس بدها حكومة متجانسة، متوازنة، متعاونة، حكومة ضمير، حكومة إصلاح حقيقي لا حكومة تغيير طرابيش، حكومة إذا وعدت وفت وإذا قالت فعلت، "الناس بدها دولة، قرفت من الفلتان والفوضى"، الناس ضحّت ومستعدة لأن تضحي أكثر، وتتحمّل أكثر مقابل حكومة صادقة تكون للناس، وليس لهذا الزعيم أو ذاك البيك، حكومة لابن عكار ولابن ​البقاع​ ولأبناء كل لبنان الذين تساووا ب​الفقر​ و​البطالة​، وبالخوف من الحالي والآتي من الأيام"، مشدداً على أن "اللبنانيين يريدون حكومة إنقاذ بكل معنى الكلمة، حكومة "تطلع من مقولة كنت بدي اشتغل بس ما خلوني"، حكومة قادرة على التنفيذ، وأما إذا فشلت أو جرت عرقلتها في أمور أساسية ومهمة تعني الوطن والمواطن، فعليها أن تصارح شعبها وتفضح المعرقلين أو تستقيل، لأن ​سياسة​ الصفقات والتلزيمات بالتراضي والتدليس والتطنيش والتمريق والتمريك أوصلتنا إلى هذه المزرعة وهذه الفوضى وهذا التخلّف السياسي المقيت، لا بل دمّرت بلدنا، ولم يبق من دولتنا إلا الفتات".

وطالب المفتي قبلان "رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ بنقلة نوعية في عملية التأليف، تراعى فيها اعتبارات المشاركة الوطنية، التي تؤمّن سرعة ولادة الحكومة، وتلبّي طموحات الناس، وتضمن ثقتهم وثقة ​الدول المانحة​. فاللحظة تاريخية ومفصلية، والتحدي استثنائي. وتذكر يا دولة الرئيس مواقف الشهيد الرئيس الحريري يوم اشتداد الأزمات، حيث كان يشكّل جسر شراكة وضمانة وطنية، ولهذا نقول لدولتك: افعل هذا الأمر، لأن الوطن كما قال والدك "أكبر من الجميع"، والتفرّد مقبرة الأشخاص، بل هو خراب الأوطان" وخاصة في لبنان".