هو نفسه رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ الذي قال يوماً بعد إعلان إستقالة حكومته في تشرين الأول ٢٠١٩ إنه لن يترأس حكومة مقبلة في عهد الرئيس العماد ​ميشال عون​، عاد وترشح الى ​رئاسة الحكومة​ ثانية في العهد، وقَبِل التكليف الخميس، ثم إجتمع الجمعة برئيس تكتل ​لبنان​ القوي النائب ​جبران باسيل​ في الإستشارات النيابية غير الملزمة، علماً أنه لطالما قال وردّد وكرّر لمرات ومرات وعبر وسائل الإعلام لا فقط في مجالسه الخاصة أن سبب خلافه الرئيسي مع العهد والرئيس عون هو جبران باسيل نفسه. صحيح أن شكل لقاء الرجلين اللذين تراشقا الإتهامات السياسية لمدة عام كان الأبرز في إستشارات ​ساحة النجمة​، لكن الأهم من شكله يبقى مضمونه ومحضره الذي أجمعت مصادر التيارين على إيجابيته المفرطة وعلى مودّة سادت الحديث بين الحريري وباسيل. المصادر المشاركة في اللقاء كشفت أن الحريري بدأ كلامه متحدثاً عن ضرورة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الواردة في المبادرة الفرنسية للنهوض بلبنان، وأن هذه المبادرة بإصلاحاتها أضف اليها المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​ ستشكل أساس إستعادة ثقة ​المجتمع الدولي​ بلبنان. "كما تعاوننا في السابق ونجحنا يمكننا أن نتعاون في المستقبل وننجح ما دامت الإيجابية موجودة" قالها الحريري لباسيل وسط ذهول نواب ​التيار الوطني الحر​ الحاضرين. الحريري أكد لباسيل أنه مستعد إنطلاقاً من الصفحة الجديدة التي أعلن عن فتحها في إستشارات ​القصر الجمهوري​، للتفاهم على الحكومة المنتظرة مع رئيس الجمهورية، الأمر الذي أجاب عليه باسيل سريعاً ومن دون تردد "ما تتفاهم عليه مع الرئيس عون نوافق عليه". وضمن سقف الإيجابية عينها سمع باسيل من الحريري كلاماً عن عدم نيته بإلغاء أحد وأنه لم يأت الى الحكومة إلا ليتعاون مع الجميع وعندما أصرّ في كلامه عن ضرورة تطبيق إصلاحات المبادرة الفرنسية قال له باسيل إن " ما ورد في ورقة الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ هو بمثابة الحد الأدنى من الإصلاح ونحن كتكتل نريد الذهاب إصلاحياً الى بعد من هذه الورقة".

كل هذه الإيجابية بين الحريري وباسيل تبقى العبرة في صرفها خلال التسريع في التأليف كي لا تبقى ضمن إطار الوعود البعيدة كل البعد عن التنفيذ. أبرز ما يريده باسيل على صعيد شكل الحكومة، هو إعتماد الحريري معايير واحدة للتعاطي مع الكتل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا وعد ثنائي ​حزب الله​ و​حركة أمل​ بترك تسمية الوزراء ​الشيعة​ لهم على أن يكون هؤلاء الوزراء من الإختصاصيين غير الحزبيين، فتسمية الوزراء المسيحيين يجب أن تتم من قبل رئيس الجمهورية وتكتل ​لبنان القوي​ والكتل ​المسيحية​ الأخرى المشاركة في الحكومة.

هذه الإيجابية بين رجلين أقاما ​التسوية الرئاسية​ ثم هاجما بعضهما البعض بأعنف الأسلحة السياسية، هل ستترجم عملياً في التأليف وما بعده على الطاولة الحكومية، أم أنها ستسقط عندما يبدأ إمتحان الحقائب؟ سؤال متروكة الإجابة عليه الى مطلع الأسبوع المقبل خصوصاً بعدما المعلومات التي ترددت في الكواليس عن نيّة لدى رئيس الحكومة المكلف بالتوجه الى ​بعبدا​ الإثنين أو الثلثاء لبدء النقاش مع الرئيس عون في تصور تشكيلته الحكومية.