علّق الخبير الاقتصادي ​وليد أبو سليمان​ على الانخفاض الملحوظ في سعر صرف ​الدولار​ في السوق السوداء، مؤكدًا أنه "لم يتغيّر شيء في الأسُس الاقتصادية والعرض والطلب على حاله، كما أنه لا يمكن القول أن الثقة عادت، ولكن تكليف رئيس حكومة جديد أرخى جوًا من الارتياح النفسي ليس أكثر"، مؤكدّا أن "هذا الانخفاض مرحلي وإذا لم يحصل أي حلول جذرية لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات سيزيد الطلب على الدولار في السوق السوداء مجددًا".

وفي حديث لـ"النشرة" جزم أبو سليمان أن "لا سبيل للخروج من الأزمة قبل الاتفاق مع ​صندوق النقد الدولي​ والالتزام بالخطوات الإصلاحيّة"، مشيرًا إلى أن "شروط الصندوق موجعة ولكن نحن من أوصلنا أنفسنا إلى هذا المأزق رباعي الأبعاد والحل أشبه بالعمليّة الجراحيّة، ف​لبنان​ اليوم يعيش أزمة متشعّبة على المستويات الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية، والاتفاق مع الصندوق هو بمثابة الختم والممر الإلزامي للحصول على الدعم من الجهات و​الدول المانحة​، ويجب ألّا ننسى أن لبنان فقد مصداقيته بعد تخلّفه عن سداد ديونه في آذار الماضي، وهذا الاتفاق إن حصل سيكون بمثابة أول خطوة على طريق استعادة المصداقية".

ولفت أبو سليمان إلى أنّ "المفاوضات بين ​حكومة حسان دياب​ وصندوق النقد الدولي تعرقلت في السابق بسبب الخلاف بين ثلاثة أفرقاء وهم الحكومة و​مصرف لبنان​ و​المصارف​، ولطالما طالب الصندوق بتوحيد الأرقام واليوم يطالب بإيجاد شريك للتفاوض"، معتبرًا أن "المفاوضات في المرحلة المقبلة ستكون مختلفة عن السابق بسبب الضغط الدولي بعد إنفجار 4 آب الكارثي وفي ظلّ سيف العقوبات، وبالتالي لا بُدّ من الالتزام بخارطة الطريق الفرنسية".

وشدّد أبو سليمان على ضرورة السير بالتدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان، موضحًا أن "قانون النقد والتسليف في المادة 151 يمنع أيّ موظف حالي أو سابق بالبوح بأيّ معلومة يملكها تتعلق بحسابات لدى مصرف لبنان، وبالتالي هذا التدقيق قد يصطدم بقانون السرّية المصرفيّة، وكان من الأجدى تعديل بعض المواد في القانون، على أن يشمل التدقيق مختلف مؤسّسات الدولة".

وعن مصير الأموال المهرّبة إلى الخارج، كشف أبو سليمان أن "هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان لديها صلاحيات رفع السرّية عن أيّ شخص أو مؤسّسة تحوم حولها الشبهات، ويمكن للقضاء اللبناني طلب ما يُسمى بالمعونة القضائيّة من سلطات خارجيّة للتوصّل إلى معرفة مصير هذه الأموال".

من جهة أخرى، بيّن أبو سليمان أن "التعميم رقم 573 الذي فرض بموجبه مصرف لبنان على الشركات المستوردة سداد المبالغ المتوجّبة عليها للمصرف ب​الليرة اللبنانية​ نقداً يهدف إلى امتصاص الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية والتي تضخّمت في السوق"، مشيرًا إلى أنّ "هذا الأمر سيرّتد سلبًا على الموزّع والتاجر وفي نهاية المطاف على المستهلك، وسيصبح هناك شحّ في المواد الاستهلاكيّة"، موضحًا أنّ "المصرف المركزي يحاول المحافظة على الاحتياطي بالعملات الأجنبيّة لأطول فترة ممكنة وهذا سيدخلنا في ركود اقتصاديّ، ومن هنا نؤكّد ألّا حلول إلّا بمساعدات خارجية".