لم يبق شيء على حاله في ​لبنان​ بعد ​الأزمة​ الإقتصادية، فلا الأساسيات بقيت متاحة دون مسّ بأسعارها، ولا الكماليّات حتى. منذ أشهر وصلت الأزمة إلى قطاع "مستحضرات التجميل"، وتحديداً تلك التي تُحقن في جسم ​الإنسان​، كـ"الفيلر والبوتوكس"، فبعد أن تأثرت أسعارها في مرحلة أولى، انخفض حجم استيرادها في مرحلة ثانية، ما شجّع "المزوّرين" على ولوج السوق عبر بيع مواد تجميليّة مزيّفة.

بداية لا بد من تعريف المواد التجميلية الأكثر شهرة بين الناس، "الفيلر"، والمعروف أيضاً بإسم الحشوات الجلديّة، وهو من مواد مصمّمة للحقن تحت سطح الجلد لإضافة الحجم والإمتلاء. يُحقن عن طريق ملء خطوط وأنسجة الوجه لتجديد شبابه والحد من التجاعيد والندب وتعبئة الفراغات فيه ونفخها مثل الشفاه، الخدود والجبين. والبوتوكس، أو المعروف أيضاً بإسم السمّ "البوتولينوم" العلمي، يعالج التجاعيد الحركيّة، وهي التي تظهر عند حركة العضلة وتزول عند زوالها، فهي مادة تسبب ارتخاء العضل وتزيل التجاعيد وتستخدم لحقن الجبين ومحيط العينين ومحيط الفم، وهدفها الاساسي هو علاج ومنع تجاعيد الوجه على الرغم من انه يمكن استخدامه أيضا لعلاج الجيوب الأنفيّة والحَوَل وخلل التوتر العضلي.

اشتهر لبنان بطبّ التجميل، وصار مقصداً للراغبين بإجراء الجراحات التجميليّة من الدول المحيطة، وعندما نتحدث عن التجميل فليس بالضرورة أن يكون العمل جراحياً، اذ نتحدث أيضاً عن الحقن، والذي يتطلب استيراد المواد من الخارج.

قبل الأزمة الإقتصادية التي تضرب لبنان كانت أسعار "إبر الفيلر" تتراوح بحسب مصادر مطّلعة بين 150 و350 ​دولار​ا أميركيا، وذلك بحسب النوع والمصدر وإسم الطبيب المعالج، وإبرة البوتوكس بين 100 و200 دولارا أميركيا، بينما أصبحت اليوم الأسعار "للفيلر" تتراوح بين 250 دولار أميركي، تُدفع بالعملة الخضراء، أو 350 دولار أميركي تُدفع ب​الليرة​ على أساس سعر صرف 6000، وللبوتوكس حوالي مليون و300 ألف ليرة للحقنة.

استمر الأطباء بالعمل قدر الإمكان ضمن المواد المخزنة، ولكن عندما اضطروا للإستيراد وجدوا صعوبة بسبب ​الوضع المالي​، فانخفض حجم الشحنات المستوردة حوالي 70 بالمئة، وهذا الأمر بحسب المصادر أثّر على الأطباء الذين يرفضون العمل بمواد مزوّرة، ولكنه لم يؤثر على العاملين في "الحقن" من خارج النادي الطبي، أو أولئك الاطّباء الذين لا يبالون بالنتائج.

تكشف المصادر أن في السوق اليوم تسعيرة لإبرة الفيلر بـ600 ألف ليرة، مع العلم أن كلفة استيراد "الحقنة" الجيدة من الخارج لا يقل عن 140 دولارا أميركيا، أي 952 ألف ليرة بسعر السوق اليوم، مشددة على أن المواد المزوّرة انتشرت بالسوق، واستعمالها لم يعد محصوراً بشخص أو منطقة.

لا يتوقّف الخطر على نوعية المواد المستخدمة فقط، بل على هويّة الشخص الذي يستعملها أيضاً، إذ تشير المصادر إلى أن مئات الأشخاص يستخدمونها من دون أن يكونوا أطبّاء، ويعتمدون على دورة تدريبيّة فقط، وهؤلاء يمكن تسميتهم بـ"منتحلي صفة".

إن استعمال هذه المواد المزوّرة، أو اللجوء إلى منتحلي الصفة قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة، ففي حال لم يتم التأكد من مكونّات البوتوكس مثلاً، فقد يتعرض الزبون إلى الإصابةبالشلل، إذ أن البوتوكس يفرز مواد كيميائية بين العضلة والأعصاب، كذلك قد تحصل التهابات، أو كدمات، أو أضرار دائمة للبشرة.

ليس نقاشنا إن كان "التجميل" من الكماليّات أو الأساسيّات، إنما الأساس هو التنبّه للمواد المستعملة وهويّة مستعملها، ففي هذه المسألة لا يجوز أن "نسترخص" لأنّ ​الحياة​ أغلى من أيّ شيء آخر.