أشار ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ الى "اننا أمام استحقاق تاريخيّ دستوري كبير الأهميّة هو ​تأليف​ حكومة جديدة، يجب على الجماعةِ السياسيّةِ أن تَعترفَ بفشلِها في تمثيلِ المواطنين وكسبِ ثقتِهم وفي إدارةِ البلاد. فتَتنحّى من أجل ​لبنان​، ولو مُوقّتًا، أمام فريقِ عملٍ حكوميٍّ متضامنٍ يَقود البلادَ نحو طريقِ النهوض. وإذ ننتظر تشكيلَ ​الحكومة​ِ سريعًا، فإنّا نريدها مع الشعب كله حكومةَ اللبنانيّين ولبنان، حكومةَ الدستورِ والميثاق، حكومة منكوبي إنفجار ​مرفأ بيروت​، حكومةَ صرخةِ الأمّهاتِ والآباءِ والبنين، حكومةَ القدرةِ على الإنقاذ. وأيُّ حكومةٍ أخرى هي مَضيعةٌ جديدةٌ للوقتِ وللوطنِ كما كانت الحكومات السابقة. ولست أدري ما ستكون حظوظُ بقائِها ونجاحِها"، لافتا الى ان "السلطة السياسيّة عندنا قتلت شعبها إقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا وإنمائيًّا. وزجّتهم في حالة من الضياع والغضب، واليأس والثورة، والهجرة والبقاء. لكنّنا نحن ندعوهم للصمود وإنقاذ لبنان وشعبه من المتربصين به شرًّا".

وفي عظته بختام سينودس أساقفة ال​كنيسة​ المارونيّة المقدّس، لفت الراعي الى "اننا نلاحظ وجودَ خُططٍ إقليميّةٍ ودوليّةٍ مكتومةِ المضمونِ ومجهولةِ الأبعاد النهائيّة يجري تطبيقُها يومًا بعد يومٍ وسنةً بعد سنةٍ تدريجيًّا وبالتقسيط، بمنأى عن الأنظمة القائمة وإرادةِ الشعوب. لذلك نُجدد إيمانَنا بكيانِ لبنان المستقِلِّ بحدودِه الدوليّة، وبوحدةِ شعبِه في إطارِ شَراكةٍ ميثاقيّةٍ تعدديّة لامركزيّةٍ يُحصّنُها الولاءُ المطلَقُ للبنان ويَقودُها نظامٌ ديمقراطيٌّ ومنظومةُ حرّياتٍ وقيمٍ روحيّةٍ ووطنيّة وإنسانيّة".

وتابع :"إنَّ كنيستَنا تَعتبر أنَّ كلَّ شيء يَرخَصُ أما الحفاظِ على كيانِ لبنان، والشراكةِ الوطنيّةِ الميثاقيّةِ، والديمقراطيّةِ والحرّيات. واستباقًا لكلّ الأخطار طرَحنا الحيادَ الناشط مَظلةً واقيةً للبنانَ في هذه المرحلةِ العاصفةِ والمضْطرِبة. إن قيمةَ لبنان هي أن يوالفَ بين حيادِه من جهةٍ وبقائِه حاضرًا ناشطًا ومتواصلًا مع العرب و​العالم​. فحين لم يكن يوجد بعدُ كياناتٌ ودولٌ ناجزةٌ، كان لبنانُ، بجبلِه التاريخيّ، محاوِرًا للشرقِ والغربِ للحفاظِ على استقلالِه الذاتي، فكيف الحال اليوم؟".

واضاف :"الكنيسةَ المارونيّةَ تدعو إلى تعزيزِ الشراكةِ المسيحيّةِ - الإسلاميّةِ في العالم وتبديدِ أجواء صراعِ الأديان وبخاصةٍ بعد تقدّمِ الحوار بين مرجِعيّات الإسلامِ والمسيحيّة، وصدورِ "وثيقةِ الأخوّة الإنسانيةِ" في ​أبو ظبي​ في الخامس من شباط 2019. وإذ تَشجُب كنيستُنا بشدّةٍ التعرّضَ المقيتَ للرموزِ الدينيّةِ وإعادةَ نشرِ الرسومِ المهينةِ تحت ستارِ الحرّيات و​العلمنة​، تَستنكرُ بشِدّةٍ في الوقت عينه إقدامَ عناصرَ إسلاميّةٍ متطرفّةٍ على قطعِ رأسِ معلِّمٍ أمام مدرستِه، وذبحِ ثلاثة مُصليّن داخلَ كنيسة في مدينة Nice ب​فرنسا​، وهُم يَتضرّعْون إلى الله من أجلِ ​السلام​ والأخوّة"، معتبرا ان "هذه الأعمالٌ المستنكرة لا تجد لها أيَّ مبرِّرٍ إنسانيٍّ أو دينيٍّ، بل هي إساءة جسيمة إلى لله، سيّد ​الحياة​ والموت وحده. وإذ نتقدم بأحرِّ التعازي من فرنسا راجين من سفيرتها في لبنان نقلها إلى رئيس جمهوريّتها وإلى الحكومة وعائلات الضحايا، نصلّي من أجل إحترام الأديان المتبادل، وحفظ العلاقات الصافية وتعزيز حوار الثقافة والحياة بين المسيحيّين والمسلمين".