اين يقف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب ​جبران باسيل​ من مفاوضات ​تشكيل الحكومة​؟ وهل هو «طاهي الظلّ» ام ليست له أي علاقة بالطبخة الحكومية؟

لا أحد من خصوم باسيل يصدّق انه لا يتدخّل في تشكيل الحكومة، بل انّ هؤلاء يفترضون انّه المفاوض الاساسي ولو «متنكراً» بقناع او متستراً خلف الستارة الرئاسية.

ومن المعروف، انّ اغلب خصوم باسيل ينظرون اليه في اعتباره «ولي العهد» الأكثر تأثيراً على عون، والقابض على زمام الأمور في ​قصر بعبدا​. وانطلاقاً من هذا التصنيف، لم «يقبض» هؤلاء لا بيان ​رئاسة الجمهورية​، الذي نفى تدخّل طرف ثالث، خصوصاً باسيل، في مشاورات ال​تأليف​، ولا بيان المكتب الإعلامي لرئيس التيار، الذي جزم بعدم وجود أي صلة له بالملف الحكومي.

واذا كان باسيل لم يظهر في صدارة المشهد الحكومي او واجهته منذ اجتماعه مع الرئيس المكلّف في إطار الاستشارات غير الملزمة، فإنّ ذلك لا يعني شيئاً بالنسبة إلى منتقديه الذين يتهمون رئيس «التيار الحر»، بأنّه يحاول عبر نفوذه الكبير في القصر الرئاسي، الاستحواذ على حصّة وازنة في ​مجلس الوزراء​، كمّاً ونوعاً.

ويشعر هؤلاء، بأنّ هناك توزيع أدوار بين عون وباسيل لتقليم أظافر ​الحريري​ الحكومية، وانّ ​رئيس الجمهورية​ يستخدم صلاحياته ويستقوي بها لتحصيل اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والوزارية لصالح رئيس التيار.

في المقابل، يؤكّد القريبون من باسيل، انّه ومنذ انتهاء الاستشارات التي جمعته مع الرئيس المكلّف، لم يتصل بأحد ولم يطلب شيئاً يتعلق بالحكومة، سواء في ما خصّ الأسماء أو الحقائب، وكذلك لم يفاوضه أي طرف ولم يُعرض عليه أي أمر، «ونحن نصدّق أنّ الحريري يسعى إلى تأليف حكومة اختصاصيين بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، اما اذا كان يفاوض القوى السياسية تحت أو فوق الطاولة، ويقبل بأن تكون شريكة في تسمية الوزراء واختيار الحقائب، فهذا مؤداه، انّ من يتهم قيادة «التيار الحر» بالعرقلة هو المتهم بأنّه يحاول عزلها».

َواذا كان باسيل قد نأى بنفسه عن بازار التأليف، انسجاماً مع موقفه بعدم تسمية الحريري ل​رئاسة الحكومة​، وفق القريبين منه، فهذا لا يعني في رأيهم ان تتمّ مصادرة حقه، كرئيس لأكبر تكتل نيابي في التشاور مع القوى السياسية الأخرى ومع رئيس الجمهورية، متسائلين باستغراب: «أليس لديه على الاقل حق الوصول إلى المعلومات؟».

ويلفت القريبون من باسيل، الى أنّ البعض يستسهل تحويله كبش محرقة أو شمّاعة يعلّقون عليها حساباتهم الخاطئة، «ومن الواضح أنّ هناك اوركسترا منظّمة تحرّكت خلال الايام الماضية دفعة واحدة، وفق تعليمة سياسية، لاستهداف باسيل وتحميله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، في إطار محاولة ابتزاز سياسي اعلامي لانتزاع مكتسبات خلال المفاوضات».

والحملة لم تحصر إحداثياتها في ميرنا الشالوحي، وفق تقديرات اوساط باسيل، «بل انّ الهدف الآخر هو الضغط بشكل غير مباشر على ​الرئيس ميشال عون​، الذي يزعجهم بسبب تمسّكه الصلب بصلاحياته الدستورية وإصراره على أن يكون شريكاً كاملاً في تشكيل الحكومة».

وتشدّد اوساط باسيل، على انّ من حق عون وواجبه، انطلاقاً من موقعه الدستوري وتوقيعه الإلزامي، ان يشارك في تشكيل الحكومة وفق المعايير التي يعتبرها مناسبة وضرورية لضمان الوصول إلى تشكيلة منتجة، «وهو يؤدي هذا الدور الحيوي، ليس لأنّ هناك من «يوشوش» في إذنه، كما يوحي أصحاب الحملات المبرمجة، بل لأنّه يستند الى صلاحياته، الاّ اذا كان البعض لا يريد له أن يطبّقها وأن يجرّده منها».

وتؤكّد تلك الاوساط، أنّ باسيل لا يتمترس خلف عون للتسلّل الى الحكومة عبر نوافذ قصر بعبدا. وكذلك، فإنّ رئيس الجمهورية لا يفاوض بالنيابة عن رئيس التيار، «بل انّ كلاً منهما يتصرّف تبعاً لما يمليه عليه موقعه ودوره».

َوفيما عاد منسوب الإيجابيات الى الارتفاع نسبياً، بعد الاجتماع الأخير بين عون والحريري، ترجح اوساط باسيل، أنّ السبب يعود إلى كون من نظّم الحملة لدفع رئيس الجمهورية الى التراجع عبر التصويب على باسيل، قد اكتشف أنّه يضيّع وقته، «لأنّ كلا من الرجلين بات لديه مناعة ضدّ هذا النوع من الاستهداف».

ويختصر أحد المحيطين بباسيل المعادلة كالآتي: «عون يلعب ​الشطرنج​ وخصومه يلعبون»الباصرة»، وهذا هو كل الفارق».