يواجه الكثير من اللبنانيين، في الوقت الراهن، مشكلة كبيرة على مستوى عقود ​التأمين​ المتعلقة ب​حوادث السير​، نظراً إلى ​الأزمة​ التي خلقها الفرق بسعر صرف ​الدولار​ الأميركي مقابل ​الليرة اللبنانية​، التي لم تستثنِ أيّ قطاع دون أن تضربه بتداعياتها.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ المشكلة الأساس تتمثل بعقود التأمين التي تكون على أساس سعر الصرف الرسمي، أي 1507، بينما أي تعويض يعتمد سعر الصرف نفسه سيمثّل كارثة بالنسبة إلى الزبون، نظراً إلى أنّ أيّ تعويض، بحال تضرر ال​سيارة​ بشكل كامل، قد لا يكفي لشراء إطارات فقط، وهي تتمثّل بالعقود الماضية التي لم تخضع للتسعيرات ​الجديدة​.

وتلفت هذه المصادر إلى أن بوالص التأمين الإلزامي لا تزال بعيدة عن الأزمة، نظراً إلى أن ​المستشفيات​، حتى الآن، تتقاضى مستحقاتها على أساس سعر الصرف المعتمد من قبل ​مصرف لبنان​، أي 1507، لكنها تؤكد أنه بحال تم رفع ​سعر الدولار​ الطبّي فإنّ الأزمة ستكون خطيرة على هذا الصعيد، نظراً إلى أن التأمين الإلزامي يتعلق بالتعويض عن الأضرار الجسدية.

قبل أشهر، عندما كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء 2000 ليرة، تعرضت سيارة إحدى المواطنات للسرقة، الأمر الذي دفعها إلى التوجه، بعد تبليغ ​القوى الأمنية​، إلى شركة التأمين للإبلاغ عما حصل معها، نظراً إلى أن لديها بوليصة تأمين دفعت ثمنها ما يقارب 550 دولار.

في شهر تموز الماضي، تبلّغت المواطنة أنّ التعويض الذي تقرّر لها هو 6000 دولار على أساس سعر صرف 1507، أي ما يقارب 9 ملايين ليرة، حينها كان سعر الصرف في السوق السوداء في أعلى مستوياته، أي 9000 ليرة، ما يعني أنّها حصلت على تعويض لا تتجاوز قيمته الفعليّة 1000 دولار أميركي، بحجّة أنّها عند توقيع العقد دفعت بالليرة، بالرغم من أنها كانت قد دفعت فرق سعر الصرف.

مواطن آخر، كان تقييم سعر سيارته حوالي 6000 دولار، بعد تعرضها ل​حادث سير​ تطلبت إجراء تصليحات بقيمة 1600 دولار (حوالي 5 ملايين و600 ألف ليرة حسب سعر الصرف حينها)، الأمر الذي دفع شركة التأمين إلى أخذ السيارة بحجّة أن الضرر تجاوز نسبة 65% من قيمتها (9 ملايين ليرة)، قبل أن تتم المعالجة على أساس أن تجري الشركة التصليحات اللازمة.

من جانبه، يوضح أحد أصحاب شركات التأمين، في حديث لـ"النشرة"، حقيقة ما يحصل، ويعطي مثالاً على ذلك سيارة يبلغ ثمنها 10000 دولار (15 مليون ليرة تقريباً على أساس سعر الصرف الرسمي)، ويلفت إلى أن الزبون، على سبيل المثال، كان يدفع ثمن البوليصة مليون و500 ألف ليرة، ويشير إلى أنه مع الأزمة، التي أحدثها إرتفاع سعر صرف الدولار، بات سعر السيارة 70 مليون ليرة (على أساس سعر صرف 7000 ليرة).

ويلفت إلى أن الكارثة تقع عندما يكون الزبون والشركة أمام حالة ضرر كلي، ويسأل: "كيف ستدفع شركة التأمين سعر السيارة على أساس سعر صرف السوق، بينما هي تقاضت ثمن البوليصة على أساس سعر الصرف الرسمي"؟.

لمواجهة هذا الواقع الصعب، باتت شركات التأمين تضع الزبون أمام 3 خيارات: الدفع بالدولار بموجب شيك مصرفي، الدفع بالدولار نقداً، الدفع بالليرة على أساس السعر الرسمي، وعند ذلك يكون التعويض بالطريقة نفسها التي تم على أساسها دفع ثمن البوليصة، ويوضح صاحب شركة التأمين أن القسم الأكبر من الزبائن يعتمد الطريقة الأولى.

وفي حين يلفت إلى أنه في هذه الحالة تكون الكرة في ملعب الزبون ليختار ما يناسبه، لا ينكر حصول الكثير من الخلافات في الفترة الماضية، مع العلم أن الشركات، في حال الضرر الجزئي، تقوم بالتصليح على أساس سعر صرف يتراوح بين 3900 و4500 ليرة، أي أن الخسارة تبقى مقبولة نوعاً ما، خصوصاً أن كلفة اليد العاملة لا تزال هي نفسها.

حول هذا الموضوع، يوضع النقيب السابق لوسطاء التأمين ​ايلي حنا​، في حديث لـ"النشرة"، أن المواطن يستطيع الدفع بالطريقة التي تناسبه حسب قانون النقد والتسليف، إلا أنه يشجع على الدفع بالعملة الأجنبية، لا سيما في البوليصة الشاملة للسيارات، لأنه في حال كان سعر السيارة، على سبيل المثال، 20 ألف دولار، عند حصول حادث جزئي فانّ الشركة ملزمة بإعادتها إلى الحالة التي كانت عليها أياً تكن العملة التي تم الدفع بها، لكن عندما تكون الأضرار كبيرة، أيّ كلفة الإصلاح تصل إلى 3000 دولار نقداً، على سبيل المثال (21 مليون على أساس سعر السوق من أصل 30 مليون ليرة سعر السيارة)، تقع المشكلة، لأن الشركات تعتبر أنه بحال تخطّت كلفة الحادث 65% من سعر السيارة، يتمّ أخذها، وبالتالي يجد المواطن نفسه في "ورطة".

ويلفت حنا إلى أن لا مشكلة في العطل الجزئي إلا إذا كان في العقد أمر مخالف لذلك، مثل أن تشترط الشركة التعويض بالليرة اللبنانيّة في حال كان الدفع بالعملة نفسها، وينصح المواطنين بعدم القبول بذلك لأنّه قد يوقعهم في "ورطة"، ويعتبر أن هناك 3 أمور أساسية يجب أن يتنبه لها أي مؤمّن: الدفع بشك دولار في حال كان قادراً على ذلك كي لا يكون قريبا من الوصول إلى الضرر الكلّي، أن يقوم بإعادة تعديل قيمة البوليصة (إذا كان قبل ​الثورة​ قد قيّم سيارته بـ20 ألف دولار، اليوم عليه أن يرفع السعر بنسبة بين 30 و100 بالمئة تحدّد حسب نوعية السيارة)، أن يكون لديه وسيطاً مثقّفاً ومرخّصاً ومن الأفضل أن يكون عضواً في النقابة.

ويرى حنّا أنّ الحالة الأخطر تكمن بتلك التي يكون فيها المؤمّن "لا معلق ولا مطلق"، أيّ العقد الذي قام به ليس بالشكل الصحيح، وبالتالي عند حصول الحادث يظنّ أن لديه تأميناً ثم يكتشف أنّه لم يكن بالشكل السليم.