كأنّه لا يكفي ​لبنان​ المصيبة التي ألمّت به نتيجة الأموال المهرّبة الى الخارج، لتأتيه مصيبة جديدة تضاف الى سلسلة "الأزمات" المتوالية التي يواجهها، أهمّها ما جاء على لسان ​الرئيس السوري​ ​بشار الأسد​ أنّ أزمة ​سوريا​ سببها مليارات ال​دولار​ات لسوريين محتجزة في القطاع الاقتصادي-المالي اللبناني وهي سبب رئيسي خلف ​الأزمة​ الاقتصادية السوريّة المتفاقمة.

ايداعات شخصية لسوريين

من 20 الى 42 مليار دولار هو الرقم الذي تحدّث عنه الأسد. وفي هذا السيّاق يشرح عضو ​مجلس الشعب السوري​ مهنّد الحاج علي عبر "​النشرة​" أن "هذه الأموال هي إيداعات شخصية لسوريين سواء في الداخل اللبناني أو في سوريا أو خارجها"، مشيرا الى أن "السوريين أودعوا أموالهم في ​المصارف اللبنانية​ والسبب هو حالة الحصار المفروضة على المصارف السوريّة أو ​المصرف المركزي​".

وأضاف: "بعد ​قانون قيصر​ الذي فرض ال​عقوبات​ ومنع التعامل مع سوريا أو أي جهة تتعامل معها تخضع لعقوبات أميركية، وبالتالي لجأ التجار والصناعيين السوريين الى إيداع أموالهم في المصارف اللبنانية لكي يستثمروا في العمل، وبالتالي عمليات التحويل عبر ​المصارف السورية​ هي صعبة جداً"، مشددا على أننا "نعتمد على المصارف اللبنانية لايجاد نوع من كسر الحصار أو الالتفاف عليه".

طريقة فتح الحسابات

في المقابل تضع مصادر مطّلعة عبر "النشرة" الكثير من علامات الاستفهام على الرقم الذي تحدّث عنه الأسد مؤخراً، مضيفة: "في العملات الصعبة كان يملك لبنان 120 مليار دولار وانخفض الى ما دون 90 مليار دولار، فكيف يعقل أن يكون هناك 20 مليار منهم للسوريين"؟!.

"المصارف اللبنانية لا تفتح حسابات لسوريين موجودين في سوريا بل للموجود منهم في لبنان أو خارج سوريا". هذا ما تؤكده المصادر، متسائلة "إذا كان أصحاب الحسابات غير موجودين في سوريا، بالتالي فإن أموالهم لا تعتبر متّصلة مباشرة ب​الاقتصاد السوري​، فكيف يقول الأسد أن اقتصاده تأثّر مباشرة نتيجة حجز الاموال إذا كانت ليست لسوريين يعيشون في بلادهم ويضخون في الاقتصاد السوري"؟.

سوريا استفادت

تذهب المصادر أبعد من ذلك لتؤكد أنّ الحقيقة معاكسة لما قيل فسوريا استفادت من الأزمة في لبنان بعدّة أشكال، أولاً عبر التهريب الذي يحصل على الحدود للنفط و​البنزين​ و​الأدوية​ وغيرها وهذا كلّه تحصل عليه سوريا بأرخص الأسعار. مضيفة: "ولا ننسى أنّ الحرب هناك أدت الى اقفال الحدود وهذا أضرّ بلبنان لأنه لم يعد هناك من تصدير، كذلك هناك ​العمال السوريين​ الذين يعملون في لبنان ويرسلون العملات الصعبة الى سوريا"، مؤكّدة أيضاً أنه "لا يجب أن ننسى ​النزوح السوري​ الى لبنان وهي الأزمة الكبرى التي أثقلت كاهل ​الاقتصاد اللبناني​ وكلّفته الكثير".

إذاً، أمام هذا المشهد كلّه الذي تحدّثنا عنه بات واضحاً أن ليس حجز الاموال في لبنان، (هذا إذا افترضنا انّ الرقم الذي تحدثّ عنه الأسد دقيق)، هو السبب الرئيسي وراء الأزمة الاقتصاديّة في سوريا، وربّما على حدّ قول المصادر "الأسد استفاد من موضوع الاموال المحتجزة في المصارف ليبرّر الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمرّ فيه سوريا ولكن الحقيقة شيء والكلام شيء آخر"...