تساءل المدير العام ل​قوى الأمن الداخلي​ ​اللواء عماد عثمان​ عما إذا كنّا بدأنا بالخروج من النفق الأسود الذي دخلنا فيه منذ نحو عام وشهدنا خلاله ما لا يتخيله عقل من أزمات صحيَّة وماليَّة واقتصاديَّة ومعيشيَّة وسياسيَّة، انعكست على حياة المواطنين سلبًا، وتسبَّبت بتوتُّرات على أكثر من صعيد، وإذا ما استمرَّت ستؤدِّي ربما إلى مزيد من ​حالات​ فوضى نحن في غنى عنها.

ورأى عثمان في كلمة له في العدد الجديد لمجلة "الأمن"، أن "ثمة بقعة ضوء تكبر يومًا بعد يوم، وتكاد تنير المشهد من جديد، فنلمح جهدًا حقيقيًّا لإعادة الأرضيَّة الأساس لكلِّ عمليَّة إنقاذيَّة عاجلة للوطن الجريح الأرضيَّة السياسيَّة التوافقيَّة التي تبدأ منها كلُّ العلاجات المطلوبة ب​الاقتصاد​ والاجتماع"، لافتا الى ان "بقعة ​الضوء​ هذه توافرت فقط بفضل المبادرة الإنقاذيَّة للرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، الذي تقدَّم حين ظنَّ الجميع أنَّ ​لبنان​ فقد كلَّ أصدقائه في ​العالم​، وتُرك ليواجه وحيدًا مصيرًا مشؤومًا، فمدَّ يده للمساعدة ما أعاد الأمل بإمكان وقف الانهيار غير المسبوق".

ولفت الى ان "المبادرة بما تتضمَّنه من بنود، ليست شيكًا على بياض، إذ تتطلَّب من السياسيين أولًا تقديم مصلحة البلد وأبنائه على أيِّ مصلحة أخرى، والشروع فورًا بإصلاحات تأخَّرت طويلًا، وما عاد ممكنًا تأجيلها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل غرق ​السفينة​ نهائيًّا".

وتابع :"ليس خافيًا على أحد أنَّ هذه المبادرة جاءت وسط انقسامٍ سياسيٍّ داخليٍّ حادٍّ، وفي ظلِّ عزلة خارجيَّة يعيشها لبنان، وهي بالتالي ربما “الفرصة الأخيرة” للإنقاذ الذي يتطلَّع إليه ​اللبنانيون​ على اختلاف انتماءاتهم ويراهنون على استعادة “بيئة وطنيَّة نظيفة” ينمو فيها مجدَّدًا التفاؤل بالوطن ومستقبله".

واضاف :"إنها فرصة حقيقيَّة لا يمكن إضاعتها لأيِّ سبب كان لأنها الفرصة الأخيرة، والمسؤوليَّة تقع أولًا على القوى السياسيَّة المطالَبة بأن تكون على قدر المرحلة التاريخيَّة الخطيرة، فلا ترسِّخ سمعة لبنان بأنه بلد الفرص الضائعة".

وشدد عثمان على ان "الإختلاف وارد بين البشر ولا يجب أن يصلَ إلى الخلاف، فإذا كان لأحدٍ وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر أخرى حتّى ولو وصلت إلى مبادئ أساسية فعليه أن يعرض عنها. وعلى القوى السياسيَّة أن تدرك حقيقة أن اللبنانيين، وبعد كل ما عايشوه، باتت لهم أولويَّات راسخة لا تتوافق بالضرورة مع رؤى هذه القوى، فالأولوية للإصلاح على الصعد كافة ليستعيد الجميع ثقتهم بالوطن".