على الرغم من قراره الإبتعاد عن دائرة "البازار" القائم حول تشكيل ​الحكومة​ العتيدة، يبقى حزب "​القوات اللبنانية​" في الواجهة السياسية إنطلاقاً من العناوين التي يطرحها، لا سيما تلك التي تحمل طابعاً عسكرياً يذكر ب​الحرب اللبنانية​، كما حصل عندما دعا رئيس الحزب ​سمير جعجع​، في الأيام الماضية، إلى إستعادة روح ​المقاومة​، في سياق حديثه عن أن المرحلة الحالية تذكره بتلك المرحلة، "الأخيرة كانت بالرصاص والقذائف، واليوم ب​الاقتصاد​ و​المال​".

"الضجة" التي أحدثها كلام جعجع ليست الأولى من نوعها، قبل ذلك كان ما نُقل في بعض وسائل الإعلام عن تحضير الحزب نحو 15000 مقاتل، إنطلاقاً من مواقف لرئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، من دون تجاهل تلك التي أطلقها أمين عام "​تيار المستقبل​" أحمد الحريري، التي ألمح فيها إلى أن الحزب يحمل مشروعاً يقود لبنان إلى التحلّل والتقسيم والخراب.

على المستوى السياسي، لا تنكر مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن "القوّات" إختار أن يكون في مكان مختلف منذ بداية ​الحراك الشعبي​ في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، معلناً الوقوف إلى جانب "الثوار" و"الطلاق" مع القوى السياسية، الأمر الذي يُفسّر رفضه الدخول في أيّ تسوية جديدة، على عكس ما هو حال "الحزب التقدمي الإشتراكي" أو تيار "المستقبل"، ودعوته إلى قيادة المواجهة السياسية مع قوى الأكثرية النيابية.

في المقابل لم يكن الحزب بعيداً عن دائرة الإستهداف، فهو يتعرض لـ"هجومات" شبه يوميّة عند كل موقف يصدر عن أحد قيادييه، لا سيما تلك التي تصدر عن رئيسه، وتُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول مشروعه في المرحلة المقبلة، بالرغم من أنّه في العناوين العريضة يتبنى الدعوة إلى إنتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين وتشكيل لجنة تقصّي دوليّة في إنفجار مرفأ بيروت.

من وجهة نظر هذه المصادر، من الطبيعي أن يكون "القوات" في دائرة الإستهداف، طالما أنه لا يلتقي في المواقف مع معظم القوى الأساسية في البلاد، مع العلم أنه يواجه أيضاً بالرفض من قبل بعض المجموعات الفاعلة في الحراك الشعبي، إلا أنها تلفت إلى أنّ ما ينبغي التوقّف عنده هو إستخدام الحزب بعض المصطلحات العسكريّة في الخطاب السياسي، وتسأل: "هل هو يتقصد ذلك في هذه المرحلة"؟.

في هذا الإطار، يشير رئيس جهاز الاعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" ​شارل جبور​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ هناك محاولات مستمرة لحرف الأنظار عن دور الحزب في المؤسسات و​الدولة​، سواء على المستوى النيابي أو الوزاري أو لجهة خطابه السياسي الذي يلتزم المبدئية السياسية على الصعيد الوطني والإصلاحي على مستوى المؤسّسات، وبالتالي السعي إلى ضرب هذا المسار عبر إعادته إلى مرحلة الحرب من خلال تشويه صورته، لأنّ من يقوم بذلك لا يستطيع القيام بما يقوم به "القوات".

بالعودة إلى مواقف جعجع، يلفت جبور إلى أن رئيس الحزب تحدث عن روح المقاومة للمواجهة السلمية وليس عن المقاومة العسكرية، ويشدد على أنه بالنسبة إلى "القوات" الحرب انتهت وهو كان من المساهمين في وضع حد لها، لكن روح المقاومة يجب أن تبقى في وجدان وعمق كل إنسان، لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد على مختلف المستويات.

وفي حين يلفت جبور إلى أن خصوم "القوات" هم من يقف وراء حملة تشويه الصورة والإستهداف، يوضح أن في العلاقة مع الحلفاء هناك تباينات يجب أن توضع في سياقها، حيث يرى رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ أن هناك فرصة لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، بينما يرى الحزب أن إمكانية التعاون مع الثلاثي الحاكم مستحيلة، ويضيف: "نترك هذا الأمر للأيام لتظهر من كان على حق".

في الختام، لا يتردد جبور في التأكيد بأنّ الحزب يعتبر أن الوقت حان لقيادة المواجهة السياسية مع قوى الأكثرية، عبر رفض التعاون مع هذا الفريق حكومياً والإستقالة الجماعيّة من المجلس النيابي، أيّ كتل "الجمهورية القويّة" و"المستقبل" و"اللقاء الديمقراطي"، ويضيف: "بعد تلك الإنتخابات، نذهب إلى تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلّين، لأنّ البلاد بحاجة إلى حكومة بعيدة عن تأثير كل القوى".