أبلغت مصادر سياسيّة مسؤولة الى "الجمهورية" قولها: "الحقيقة الوحيدة المُتجلّية في الملف الحكومي هي التعطيل، والغموض القاتل الذي يحجب من جهة أسباب التعطيل، ويحجب من جهة ثانية رؤية المَآل النهائي لاستحقاق التأليف، الذي يتأرجَح منذ 3 أسابيع بين "مَدِّ" إيجابيات وتفاهمات عَنونَت اللقاءات المتتالية بين ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ ورئيس الحكوم المكلف ​الحريري​، وأوحَت في كلّ مرة أنّ ​الحكومة​ قاب قوسين أو أدنى من ​الولادة​، وبين "جَزْرِ" تعقيدات ناسِفة لتلك الايجابيات، وتؤكد حقيقة جليّة بأنّ هذه الحكومة بعيدة عن غرفة ولادتها مسافات مزروعة بتباينات سياسيّة وشخصيّة مستعصية على العلاجات"

ولفتت المصادر الى أنه "في كل الاستحقاقات اللبنانية الحكومية وغير الحكومية لطالما سمعنا من السياسيين الشيء وعكسه في آنٍ معاً، ومن هنا لا نستطيع ان نثق بما يقولونه، ولذلك لا نعوّل ابداً على الرغبات الكلامية التي تصدر بين الحين والآخر عن هذه الجهات المعنية مباشرة بملف التأليف، خصوصاً انّ مثل هذه الرغبات المعَبَّر عنها حاليّاً مع محاولة تأليف ​حكومة سعد الحريري​، ما هي سوى تكرار للرغبات نفسها التي أبدِيَت مع حكومة ​مصطفى اديب​ الذي انتهت اتصالات تأليفها الى اعتذاره، وهذه الجهات هي نفسها التي نادت بالتعجيل والتسهيل، فيما هي كانت تمارس ضمناً التعطيل. وبالتالي، فإنّ كلّ ما يُعبَّر عنه من إيجابيات ورغبات يبقى في الاطار الكلامي الفارغ، حتى يقترن هذا الكلام بالفِعل ويترجم بولادة سريعة للحكومة، في هذه الحال فقط نصدّق رغباتهم، وأمّا دون ذلك فهو كلام بكلام".

وأكدت المصادر "أنّ الناس ضاعوا ما بين "المَدّ" و"الجَزْر"، وأحبطتهم ​سياسة​ "المسكّنات" التي يُحقَنون بها بعد كلّ لقاء بين الرئيسين، وتخدّرهم الى حدِّ الشلل في تقدير ما إذا كان تعطيل ​تأليف الحكومة​ التي ينتظرونها مَردّه إلى عامل داخلي أو إلى عامل خارجي أقوى. وبالتالي، صار عون والحريري امام خيار من اثنين؛ إمّا الاتفاق على الحكومة والإفراج عنها اليوم قبل الغد، وامّا مصارحة الناس بالسبب الحقيقي للتعطيل، والاجابة بوضوح عن تساؤلاتهم: ما الذي يمنع هذا التأليف حتى الآن؟ وهل المانع داخلي مرتبط فقط بحقيبة سياديّة او خدماتية، او بإسم ومواصفات هذا أو ذاك من المطروحين للتوزير في الحكومة المعطَّلة؟ أم أنّ جوهر التعطيل هو أقوى وأبعد من الداخل ومرتبط بمانع خارجي؛ إقليمي او دولي، او برهان على عامل خارجي ما يُفضي الى متغيّرات وإعادة خلط أوراق، وأنّ كلّ ما يجري تظهيره من تعقيدات وتباينات تارة حول حجم الحكومة، وتارة أخرى حول الحصص والحقائب والأسماء، ليست سوى مجرّد قشور تُغطّيه؟".