رد ​وزير الخارجية​ في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​شربل وهبة​ على كل من حمّله المسؤولية بسبب رفضه المصادقة على "وثيقة التحالف لحرّية الاعلام" التي صدرت عقب ال​مؤتمر​ الوزاري الذي دعت اليه ​وزارة الخارجية​ الكندية و​بريطانيا​ وبوتسوانا، قائلا: "انّ ​لبنان​ تسلّم مشروع البيان الختامي للمؤتمر قبل يومين من انعقاد المؤتمر، ولما اطلعت عليه أحلت مضمونه الى مديرية المنظمات في الوزارة لمزيد من البحث والتدقيق في كل عبارة وردت فيه، منعاً للوقوع في اي خطأ يمكن ان ننزلق اليه. فأنا احتسب امكان دسّ عبارة ما، او تعبير يمكن امراره بين السطور او في عبارات مغلفة تُستخدم في بعض الأحيان تلبية لثقافة معينة. فليس مقبولاً مني ان اشارك في مؤتمر او اجتماع او ندوة دون ان اكون مطلعاً على ادق التفاصيل من ألفها الى يائها".

وأضاف: "أتتني المطالعة الدقيقة، انّ في البيان الختامي ما يطالبني بالموافقة والاعتراف ب​حالات​ من «ذوي الطبيعة الجنسية الخاصة»، التي لا يقرّ بها ​القانون اللبناني​، وهي تتصل برفض العلاقات بين "المثليين" كما تقول المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني. ورغم ذلك لم اقطع الأمل من إمكان التدخّل قبل انعقاد المؤتمر لتعديل هذه العبارة. فكُلّف من اجرى الإتصال الرسمي ب​السفارة الكندية​ في ​بيروت​ لتوضيح الموقف اللبناني مسبقاً، وطلبنا اعادة النظر في مضمونه للأسباب القانونية المانعة. فجاءنا الجواب بعد المراجعة الرسمية، انّ البيان الختامي وحدة متكاملة لا يمكن ان يخضع لأي تعديل. فإما ان نأخذ ما فيه كاملاً، فنوافق عليه كما هو، او نرفضه. وهو ما دفعني في نتيجة الامر الى عدم توقيع الوثيقة، ليس رفضاً بما يتصل بالحرّية الاعلامية، فهي محترمة لديّ ومصانة، لا بل مقدّسة، ولا احتاج الى درس من احد في احترامي لها وتقديري، وهو ما امارسه في عملي اليومي".

وأوضح انه "لما قامت الحملة المنظّمة من جهات مختلفة والتي لم اكن اتوقعها، احترمت رأي اصحابها وعزّيت الامر لجهلهم للقوانين اللبنانية وضرورة احترامها. اوضحت موقفي بنحو دقيق، وشرحت معنى الخروج منه او التراجع عنه، لما تشكّله مثل هذه الخطوة من خرق للقوانين اللبنانية المعمول بها. وذنبي الوحيد انني طالبت بتعديل القوانين وتحديثها، ومنها قانون الاحوال الشخصية في لبنان. فلا يمكنني ان اسجّل موقفاً خارقاً لاحترامي للقانون بكل ما يقول به دون اي نقاش، حيث لا يمكن اجراؤه. وان انسى لا انسى، انّ هناك من استدرج ​وزيرة الإعلام​ الزميلة ​منال عبد الصمد​ الى التعليق على موقفي، فشرحت لها الظروف التي ادّت اليه بكل صراحة ووضوح لا يرقى اليه اي شك، مع تأكيد احترامي لحرّية الاعلام واضعاً حداً فاصلاً بينها وبين الإعتراف غير الممكن بمثل هذه الحالات ذات الطبيعة الانسانية المختلفة". وقال: "الى هذه الواقعة تعرّضت لهجمة نتيجة عدم التصويت في اجتماع ​الجمعية العمومية​ للامم المتحدة ضدّ إدانة ​إيران​ في خرقها ​حقوق الانسان​، من دون ان يعرف المنتقدون بطريقة غير لائقة انّ لبنان سجّل الموقف عينه منذ عقود وعلى الأقل منذ العام 2000 الى اليوم، حيث تعاقب على وزارة الخارجية نظراء من كل احزاب لبنان ومذاهبه وتياراته. فمثل هذه القرارات تقليدية تؤكّد عليها الجمعية العمومية كل سنة وتحديداً منذ العام 1984 وتوقفت لعام واحد عام 2002 قبل ان تُستأنف في العام التالي. فإن لم تتبدّل المعطيات المتصلة بأي دولة أو ملف، يبقى الامر على ما هو عليه الى أن يُحذف من لائحة الإدانة، فيتوقف ادراجها في مثل هذه اللقاءات السنوية".

ولفت إلى انه "يقولون انّ لبنان ومجموعة صغيرة من الدول اتخذوا الموقف عينه، ولم يكلّفوا عناء السؤال عن الدول التي صوّتت مع، وهي 79 دولة، وامتنعت عن التصويت 64 دولة ورفضته 32 دولة من بينها لبنان".

وتابع "لقد تناسوا انني انفّذ قراراً حكومياً يُتخذ عبر ​المؤسسات الدستورية​، سواء كانت حكومة كاملة المواصفات او تصرف الاعمال، ففي الحالتين هناك آلية لاتخاذ القرارات التي استند اليها عند اعلانها، بالإضافة الى اسلوبي وثقافتي ومعرفتي بالمصلحة العامة. فليس لديّ اي نية لممارسة هوايتي في مثل هذه الحالات، او ان اعبّر عن رأي شخصي. ولذلك ارفض في السرّ والعلن ان استُهدف بهذه الطريقة. فهي معاناة نابعة من مسؤوليتي، حيث انا مؤتمن على الوجه الديبلوماسي للحكومة و​الدولة​. وكل ذلك كان يجري في وقت كان من الممكن ان يكلّف أي منهم عناء السؤال عن الظروف التي دفعتني الى هذا الموقف او ذاك"، أنا ممن لا يحتاج الى توصيات او دروس في العلاقات الدبلوماسية، فأنا ابن هذه الوزارة، أفنيت سنوات العمر في ملعبها ولا احتاج الى من يرشدني الى مواقف متى حكمتها القوانين والأعراف والمصلحة الوطنية، والبقية هي على مسؤولية من يتجنّى، فما له بعد اليوم سوى المرآة ليعبّر عن شعوره المرفوض".