ذكرت مصادر سياسيّة لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "​المجلس النيابي​ سيأخذ عِلمًا في جلسته الّتي تُعقد غدًا بالرسالة الّتي بعث بها رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، إليه من خلال رئيسه ​نبيه بري​ والمتعلّقة بالتدقيق الجنائي المالي، ويعود للهيئة العامّة حصريًّا التعامل مع مضامينها لجهة الاكتفاء بأخذ العلم أو ترجمتها إلى اقتراحات قوانين، رغم أنّ كتلة "التنمية والتحرير" النيابيّة برئاسة بري بادرت قبل أيّام إلى التقدُّم بمجموعة من اقتراحات القوانين تشكّل نقطة التقاء مع كلّ ما طرحه الرئيس عون في رسالته".

ولفتت إلى أنّ "الرئيس عون أراد أن يعفي الحكومة المستقيلة من مسؤوليّتها في إعداد كلّ ما هو مطلوب لوضع التدقيق الجنائي على سكّة التطبيق، وذهب بعيدًا في رميها على عاتق البرلمان"، مركّزةً على أنّ "​حكومة حسان دياب​ وقبل أن تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال، لم تتمكّن من التوافق على مشاريع القوانين لتسريع السير في التدقيق الجنائي، وأَسقطت نفسها في خلافات تمدّدت باتجاه التباين الّذي أَخَّر إنجاز التدقيق في الحسابات الماليّة، وهذا ما أعاق المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​" الّتي تُعدّ الممرّ الإجباري للحصول على مساعدات ماليّة من شأنها أن تُسهم في وقف الانهيار الّذي وضع البلد على حافّة الزوال".

وأكّدت المصادر السياسيّة أنّ "من حقّ عون أن يخاطب شخصيًّا البرلمان، لكن من غير الجائز أن يراسله باسم السلطة الإجرائيّة وبالنيابة عنها، كأنّه أراد أن يتصرّف كأنّ ​لبنان​ محكوم بنظام رئاسي"، مبيّنةً أنّ "متابعة التدقيق الجنائي تتطلّب وجود حكومة فاعلة لا مستقيلة، مع أنه أُدرج في صلب المبادرة الفرنسيّة الّتي توافق عليها جميع الأفرقاء في اجتماعهم مع الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​".

واتّهمت رئيس الجمهورية بـ"مصادرة صلاحيّات السلطة الإجرائيّة الّتي ينطق باسمها رئيس الحكومة"، سائلةً: "هل قرّر التعايش وبمباركة من فريقه السياسي مع حكومة مستقيلة على حساب الانصراف لتشكيل حكومة جديدة؟". وأشارت إلى أنّ "عون يتصرّف في مخاطبته البرلمان كأنّه هو من يقرّر، وبالتالي بادر إلى رمي كرة تعذّر السير بالتدقيق الجنائي في مرمى المجلس النيابي، ومن خلاله القوى السياسيّة الّتي هي على خلاف معه؛ رغم أنّ جميعها كانت قد أيَّدت إجراء التدقيق المالي".

كما كشفت أنّ "​الكتل النيابية​، أو معظمها على الأقل، بدأت تتحضّر للردّ على رسالة عون في ضوء مشاريع واقتراحات القوانين الّتي أقرّها البرلمان وباتت في عهدة الحكومة، وهي في حاجة إلى إصدار المراسيم التنظيميّة لتأخذ طريقها إلى التطبيق". وأوضحت أنّ "هذه الكتل سارعت إلى التنسيق، ليأتي الجواب على رسالته حسب الأصول بعيدًا عن الشعبويّة الّتي حضرت بامتياز في رسالته، وحاول أن يختصر الاستجابة لمضامين المبادرة الفرنسيّة المدعومة دوليًّا بالتدقيق الجنائي وتقديمه على أنّه وحده خشبة الخلاص للبنان".

ورأت المصادر نفسها أنّ "الدافع الأساسي لمبادرة عون إلى تحريك التدقيق الجنائي يَكمن في الردّ على ​العقوبات الأميركية​ الّتي استهدفت رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، من زاوية اتهام الآخرين ب​الفساد​ وهدر المال العام"، مؤكّدةً "أنّنا لسنا في موقع الدفاع عن الّذين أساءوا استخدام المال العام". وسألت عن "الأسباب الخفيّة وراء لجوء هذا الفريق أو ذاك إلى استحضار عناوين خلافيّة، بدلًا من أن تتضافر الجهود لتأمين احتياجات اللبنانيين الّذين لا قدرة لديهم لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم"، مشدّدةً على أنّ "الأولويّة يجب أن تُعطى لوقف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الّذي لم يحضر على جدول أعمال الجهات الرئيسة".

إلى ذلك، ركّزت على أنّ "التذرُّع بأنّ رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ يريد مصادرة التمثيل المسيحي في الحكومة، ليس في محلّه"، مبيّنةً أنّ "العقبة الرئيسة الّتي تؤخّر ولادتها تقع على عاتق الرئيس عون، الّذي يبدو أنّ تعطيل تشكيلها لا يقلقه". وذكرت أنّه "لم يستحضر التدقيق الجنائي إلّا بعد أن تعذّر على فريقه السياسي تطييف ​تشكيل الحكومة​، والتحريض على الحريري في محاولة لم يُكتب لها النجاح حتّى الساعة، لتأليب القيادات المسيحيّة من سياسيّة وروحيّة على الحريري بذريعة أنّه يصادر حقوق المسيحيّين".