رغم تسارع التطوّرات السّاخنة مؤخرا في الفترة المتبقية لولاية الرئيس الأميركي المنتهية ولايته ​دونالد ترامب​، والتي تُعدّها اروقة الدول الإقليميّة مؤشّرات لحدث ​عسكري​ كبير ضدّ ​ايران​، خصوصا على وقع زيارة ​وزير الخارجية​ الأميركي ​مايك بومبيو​ الى المنطقة وجولته في ​الجولان​ المحتلّ في هذا التوقيت، والتي تزامنت مع قرار نشر قاذفات بي52 الأميركية في قواعدها ب​الشرق الأوسط​، وليس انتهاء بالزيارة السرّية التي قام بها رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين ​نتنياهو​ الى ​السعودية​ برفقة رئيس جهاز ​الموساد​ يوسي كوهين للقاء وليّ عهدها محمد بن سلمان، ما اضفى على الزيارة طابعا امنيا عزّز بدوره فرضيّة التجهّز لحدث عسكري ما ضدّ ايران، مضافا اليها ما نقله موقع “واللا” العبري امس، عمّا اسماها “مصادر اسرائيليّة بارزة”، ومفاده انّ ​الجيش​ “الإسرائيلي” تلقّى مؤخرا تعليمات بالإستعداد لسيناريو هجوم اميركي محتمل على ايران قبل انتهاء ولاية الرئيس ترامب،مُبيّنا انّ اجراءات الإستعداد تتعلّق بالرّد الايراني المحتمل على “اسرائيل” بشكل مباشر، “او من خلال “وكلاء” ايران في سورية وغزّة و​لبنان​..

الا انّ صحيفة ” ​اسرائيل ديفنس​ ” نفت اليوم الخميس ما ذكره موقع “واللا”، وأكدت انّ الجيش “الإسرائيلي” لم يتلقّ ايّ أمر بالإستعداد لحرب مع ايران، اضافة الى انّ المعطيات المسرّبة من الحلقة المقرّبة من محور المقاومة، تُرجّح فرضيّة “اللاحرب” ضدّ ايران ربطا بالخطورة القصوى لهكذا خطوة على اركان المحور المعادي نفسه، كما بالرسائل التحذيريّة التي تلقّفتها أروقة ​واشنطن​ و​تل ابيب​ في الأيام الأخيرة، والتي تًفيد بأنّ الحرب الكبرى التي ستُفضي الى تحرير ​القدس​ كما سبق ووعد الأمين العام ل​حزب الله​ السيّد ​حسن نصرالله​، والذي اكّد حينها انها باتت قريبة، ربما نضجت ظروف تحقيقها اليوم اكثر من ايّ وقت مضى، وسيّما انّ خرائط عسكريّة اُرفقت برسائل التحذير، تكشف عن منشآت عسكرية واستراتيجية، وأخرى سرّية في الكيان العبري، وُضعت على قائمة بنك الأهداف التي حدّدها محور المقاومة مجتمعا عند انطلاق اولى الهجمات المفترضة على ايران- بحسب ما المح قائد ميداني بارز في حركة “انصار الله” اليمنيّة.

وفيما يشير خبراء ومحلّلون عسكريّون الى احتمال تجهُّز ايران لسيناريو اميركي -“اسرائيلي” قد يُترجم بشنّ هجوم سيبرانيّ واسع النطاق على منشآت نووية، تحديدا منشأة نطنز، كما على بُنى تحتيّة ايرانيّة، او بتسديد ضربات جويّة عن بُعد ضدّ هذه المنشآت، يذهب آخرون الى ترجيج ان يكون الخيار المُتوقّع القادم، إما بتوجيه ضربات “عنيفة” ضدّ حلفاء ايران في المنطقة، خصوصا حزب الله في لبنان، و​الحشد الشعبي​ ​العراق​ي، ليبقى من تبنّى فرضيّة اللجوء الى عمليّات اغتيال كبديل الحرب الشاملة، قد تطال قادة “رفيعي المستوى” في محور المقاومة، سواء في سورية او لبنان او العراق.

تبقى تلك التكهّنات محصورة في اطار التحليلات رغم ضرورة أخذها بجديّة عالية. فلا احد يضمن ايّ الخيارات قد يلجأ اليها الرئيس ترامب في ايامه الأخيرة ب​البيت الأبيض​ بمعيّة حليفه نتنياهو، والثنائي الخليجي السعودي- الإماراتي، وجميعهم تربطهم سمة التهوّر، وأزمات داخلية متشابهة، وتوجُّس مشترك إزاء الرئيس المنتخب ​جو بايدن​ وادارته.. قد يبدو كلّ هذا المشهد “تهويلي” وضمنه ارسال قاذفات بي52 الى المنطقة، والذي ربما لا يتجاوز إطار “الإستعراض الهوليودي” لترهيب ايران وحلفائها.. لكن!

ماذا لو كان هناك احتمالات جدّية في انّ ارسال هذه القاذفات يرتبط بمهمّة تدمير منشآت نووية ايرانيّة؟ او استبدال هذه المهمّة بشنّ هجمات عنيفة ضدّ حلفاء ايران في المنطقة؟

لربما اخذ محور المقاومة هذه السيناريوهات بالحسبان، فقرّر توجيه رسالة تحذيريّة استباقيّة عبرت على متن ​صاروخ​ “قدس2” اليمنيّ المجنّح الى منشأة ارامكو في جدّة، في خلال زيارة نتنياهو ورئيس الموساد السرّية الى السعودية للقاء محمد بن سلمان في مدينة نيوم بحضور مايك بومبيو..

“الزيارة السريّة” التي فاجأت كبار الجنرالات في ​القيادة​ العسكرية”الإسرائيلية” لم تكن مفاجئة لمحور المقاومة. فآثر ايصال رسالته وفضح سرّية الزيارة على طريقته قبل ان تميط وسائل الإعلام العبريّة اللثام عن سريّتها..ووصلت الرسالة!

لكن هذا الحدث بأكمله لم يمرّ عاديّا في اروقة تل ابيب الأمنية والإستخباريّة، كما في تحليلات كبار الصحافيين في وسائل الإعلام العبرية..فالصاروخ اليمني المجنّح “قدس2” عبر اكثر من 900 كلم ليضرب هدفه بدقّة، متجاوزا المنظومات الدفاعية المتطورّة التي دفعت من اجلها السعودية اموالا باهظة للحليف الأميركي، من قبيل “ثاد” و”باتريوت باك3″ لحماية منشآتها الحيويّة يستحقّ التوقّف عنده باهتمام، وخصوصا عندما تُعلن حركة “انصار الله” على لسان عضو مكتبها السياسي عبد الوهاب المحبشي “انّ صاروخ قدس2 تمّ تطويره ليطال ميناء ايلات! هذه جبهة اخرى من جبهات محور المقاومة باتت تُقلق “اسرائيل” جدّيا..خصوصا انّ حركة “انصار الله” حقّقت انجازيّن استراتيجيَّين في خلال 24 ساعة، اولّهما السيطرة على معسكر ماس، قبل الإنجاز الثاني فجر الإثنين الفائت..

لا يتردّد المحلل العسكري الإسرائيلي بن كاسبيت في التحذير من انّ “الحوثيّين” باتوا يوازون خطر حزب الله على “اسرائيل”. سيّما انه نقل عمّن اسماه “ضابط رفيع المستوى في القيادة العسكرية “الإسرائيلية” قوله” إنّ ​الحوثيين​ رصدوا انطلاق نتنياهو ومرافقيه في الزيارة السريّة الى السعودية، حتى قبل وصولهما الى الطائرة!

اللافت، انه وتزامنا مع رسالة “قدس2” الصاروخية، تمّ تسريب خبر زيارة سريّة قادت قائد ​فيلق القدس​ في ​الحرس الثوري الإيراني​ ​اللواء​ اسماعيل قاآني الى دمشق للقاء الرئيس ​بشار الأسد​، وثمّ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، بعدما حطّ في ​بغداد​ حيث جال على قادة ​فصائل المقاومة​ العراقية “للتأكد من جهوزيّتها”، عقب اجتماعه برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي..ورغم انّ هذه الزيارة لم يتمّ نفيها او تأكيدها، الا انّ توقيت تسريبها يحمل طبعا جدّيا في لحظة مفصليّة تمرّ بها المنطقة ترقّبا لأيّ خطوة عسكرية قد يلجأ اليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل مغادرته البيت الأبيض، وسيما انّ دعوة السيّد نصرالله في اطلالته الأخيرة لمحور المقاومة بالبقاء في جهوزية عالية في هذين الشهرين لردّ الصّاع صاعَين في حال ارتكاب اي حماقة “اسرائيلية” او اميركية، تلقّفها اركان المحور بجدّية فائقة- وفق ما نُقل عن قائد ميداني بارز في حركة” انصار الله” اليمنية، مكتفيا بالقول” بعد دعوة السيّد، ننتظر فقط ساعة صفر البدء بمفاجآتنا التي لن تقتصر على دكّ اهداف عسكرية وحيوية هامة في الكيان “الاسرائيلي”، بل هذه المفاجآت ستطال ايضا قصور ​الرياض​ و​ابو ظبي​!

اشارةٌ سبق ولفت اليها موقع “ميدل ايست آي” ​البريطاني​ الشهر الماضي، حين ذكر انه ربطا بانخراط السعودية و​الامارات​ بحلف عسكري علني مع”اسرائيل” ضدّ ايران، واحتمال تهوّر الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قبل انقضاء عهده نحو خطوة عسكرية “غير محسوبة” قد تنزلق الى مواجهة شاملة في المنطقة، “فإنّ قصور الرياض وابو ظبي ستطير قريبا”! هذا قبل ان يُنقل عن مصدر دبلوماسي غربي وُصف ب”الموثوق”، توقّعه حدثا اميركيا مُرتقبا “على قدر عال من الأهمية” سيسبق خروج ترامب من البيت الأبيض..”الا انّ الحدث “المزلزل” القادم، قد تشهده احدى ​الدول الخليجية​ قريبا- وفق اشارته، دون تحديدها.