لفت العلامة السيد ​علي فضل الله​، إلى أنّ "اللبنانيّين لا يزالون ينتظرون وبفارغ الصبر تأليف حكومة قادرة على إنقاذ هذا البلد وإخراجه من حالة التردّي والانهيار، الّتي جعلته من البلاد الّتي تصنَّف عالميًّا بأنّها من البلاد الأكثر فقرًا، فيما لا تزال القوى السياسيّة المعنيّة ب​تأليف الحكومة​ تتعامل مع هذا الاستحقاق وكأنّ البلد بألف خير والناس يستطيعون الانتظار طويلًا، ليبقى هذا التأليف رهينة تجاذبات هذه القوى والشروط والشروط المضادة، وبانتظار تغيّرات قد تحدث في الخارج تعزّز موقع هذا الفريق أو ذاك".

وأشار خلال إلقائه خطبتَي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في ​حارة حريك​، إلى "أنّنا في ذلك لا نهون من ضغوط الخارج على صعيد التأليف، الّذي بات الحديث عنه في العلن، ولكنّنا دائمًا نؤكّد أنّ اللبنانيّين قادرون على تجاوز هذه الضغوط بوحدتهم". ودعا القوى السياسيّة أن "لا تستكين لهذه الضغوط، وأن يكون هاجسها الدائم مصلحة البلد وأن تقدّم التضحيّات لأجله".

وأوضح السيد فضل الله أنّ "في هذا الوقت، تعود إلى الواجهة مسألة التدقيق الجنائي بعد انسحاب الشركة المكلّفة بهذا التدقيق، وبعد الرسالة الّتي وجّهها رئيس الجمهورية إلى ​المجلس النيابي​ للقيام بدوره على هذا الصعيد"، داعيًا النواب و​الكتل النيابية​ إلى "الارتفاع إلى مستوى مسؤوليّتهم النيابيّة تجاه من أَودعوهم مواقعهم، والقيام بالدور المطلوب منهم، لدفع عمليّة التدقيق هذه وإزالة كلّ العقبات الّتي اعترضته وقد تعترضه، وعدم تكبيله بشروط تجعله غير قادر على تحقيق الهدف المنشود منه، في معرفة أين ذهبت ​أموال المودعين​، وكشف مكامن ​الفساد​ والمفسدين فيها المنتشرين في مرافق الدولة ومؤسّساتها".

وركّز على أنّ "المجلس النيابي يقف اليوم أمام الامتحان، وعليه أن يثبت أنّه أمين على ما اؤتمن عليه، ولا يضيّع التدقيق في دهاليز المناكفات والصراعات والمصالح الخاصّة، والّذي يمكن من خلاله استعادة الثقة به وثقة العالم، بأنّ هذا البلد قد بدأ فعلًا المواجهة مع الفساد والمفسدين".

وعلى صعيد ​قانون الانتخاب​ المطروح، أكّد "أهميّة العمل على استصدار قانون انتخابي عصري يؤمّن التمثيل الصحيح للبنانيّين، ويعالج الثغرات الّتي ظهرت في ​القانون الانتخابي​ الّذي أُجريت على أساسه الانتخابات الماضية"، مشدّدًا على "ضرورة أن لا يكون هذا الطرح سببًا في انقسام اللبنانيّين وإثارة هواجسهم الطائفيّة والمذهبيّة، وخلق مناخات توتّر جديدة في هذا البلد، في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى الوحدة لمواجهة التحدّيات الّتي تعترضهم".

من جهة ثانية، بيّن فضل الله أنّ "على صعيد فاجعة ​المرفأ​، لا يزال اللبنانيّون ولا سيّما أهالي الضحايا ينتظرون جلاء التحقيق عن هذا الأمر، حيث لم يتبيّن من هم المسؤولون الحقيقيّون عمّا حصل لهذا المرفق الحيوي ولكلّ الضحايا والجرحى"، معربًا عن أمله من ​القضاء​ أن "يقوم بالدور المطلوب منه، فلا يتهرّب من المسؤوليّة لا هو ولا ​مجلس النواب​، بحيث يشمل التحقيق كلّ من تعاقبوا على من تحمّلوا المسؤولية مهما علت مواقعهم، ولا بدّ من إزالة أيّة عقبات تعترض هذا التحقيق، لتظهر العدالة الّتي ينتظرها اللبنانيون ولا سيما أهل الضحايا حتى لا تتكرر المأساة".

كما جزم أنّه "لا بدّ من التوقّف عند قضيّة إنسانيّة، تتعلّق بالاكتظاظ الموجود في السجون، الّذي لا بدّ للدولة أن تقوم بدورها في تأمين كلّ السبل الّتي تضمن لهؤلاء المساجين حقوقهم، وللقضاء أن يسرع في استصدار الأحكام الّتي تضمن التخفيف منه. ويبقى الأساس هو العمل الدؤوب من أجل إزالة الأسباب الّتي تؤدّي للوصول إلى ​السجن​".

على صعيد آخر، أعرب فضل الله عن "استغرابه هذه الهرولة نحو عدو لا يزال يحتلّ أرضًا عربيّة وإسلاميّة ويشرّد أهلها ولا يريد عودتهم، وهو لم يبدِ أي استعداد للتخلّي عن مشروعه الاستيطاني التهويدي"، مشيرًا إلى "أنّنا نرى في ما يجري إساءة للقيم الدينيّة والإنسانيّة والقوميّة، الّتي لا يمكن أن تقبل بظلم شعب والإساءة إلى المقدّسات. ونحن في الوقت نفسه على ثقة أنّ الشعوب العربيّة والإسلاميّة وكلّ أحرار العالم، ستبقى إلى جانب ​الشعب الفلسطيني​ وحقوقه كاملة، ولن تسمح بتمرير هذه الحلقة الجديدة من حلقات التحرّر من ​القضية الفلسطينية​ ومحاولة تصفيتها".